الوالي يكتب .. ”حكايتي في الحرب“

عدن (كريتر سكاي) خاص


في اوائل شهر سبتمبر 2015 بعد خروج الحوثي من عدن، كانت حينها جبهات ذباب وباب المنذب حامية الوطيس. مابين الساعة ٤-٥ العصر كنت خارج من المستشفى ومتجه للبيت لأغتسل وانظف جسمي واغير ملابسي اللتي كان بها بقع دم. 


اثناء خروجي من المستشفى وصل هيلوكس كان يسوق بسرعة جنونية ووقف امام البوابة ونزل منه السواق يصرخ بهستيريا ( اسعاف جريح ) رجعت اركض من الطريق عسى انني استيطع ان اساعد. كان الجريح تبع جبهة السلفيين ( هاشم السيد وقتها ) . حاولت استفهم من الشباب اللي اسعفوه من اين نقلوه لان الجريح قد كان عُمل له اسعافات أولية. عرفت انهم نقلوه لأطباء بلا حدود وتم عمل اللازم لإسعافه وكان الجريح في غيبوبه ومحتاج وحدة إنعاش ( لم يكن الجريح مصاب في جبهة وانما تقلب بالشاص وهم مروحين من ذباب ) . 


حاولت افهم الشباب اللي مع الجريح بأن وحدة الانعاش عندي مكتضة بالجرحى ولا يوجد مكان وكل ثانية تمر على جريحهم خارج الانعاش محسوبة من عمره فعليهم نقله الى مستشفى آخر . بدأوا بالصراخ والتهديد وانه واجب علينا اداخله بأي طريقة، واحد منهم فقط كان متفهم وواعي وحاولت اساعد بمحاولتي الاتصال بالمستشفيات الاخرى لأجد له سرير في وحدة الانعاش مع جهاز التنفس الاصطناعي.


وفي هذه الاثناء وصل قائد كتيبتهم مع ثلاثة من حراسه جميعهم يلبسون الاثواب. وكان يصرخ بهستيريا عند البوابة الخارجية للمستشفى ويهدد ويستحلف اذا لم يتم اداخل جريحه فسوف يقوم بأغلاق المستشفى. 


اضطريت ان اخرج واتفاهم معه واحاول اشرحله الوضع الكارثي الذي تمر به المستشفيات لعدم توفر الامكانيات والسعة اللازمة، كان رده بكل استحقار ( لولا هذا الجريح وامثاله لكان الحوثي داخل غرف نومكم الان، نحن من حررناكم ) استفزتنا الجملة ورديت عليه بنفس نبرته ( المستشفيات ايضاً تعتبر جبهة وكل العاملين فيها مجاهدين، و انتم خرجتوا تجاهدوا بأسم الدين والوطن مش عشان تسمعني الكلمتين دول ) . 


كان رد فعله هو وحراسه بأنهم شحنوا اسلحتهم وضربوا للسماء عشوائي ليفجعوا طاقم الطوارئ والزوار وكل من في الشارع. كان الموقف صادم ولكن لم يكتفي وقام بأغلاق البوابة الرئيسية للمستشفى وانا خارجها وقال ( لن يدخل حد او يخرج من المستشفى قبل ما يترقد الجريح تبعي، عادي خرجوا اي مريض من الانعاش ودخلوا جريحي لانه احق منهم كلهم ) كنت مصدوم من هول الموقف بأن دول اللذين يتكلمون بأسم الله ورسوله والدين والانسانية يصدر من احد اعمدتهم هذا الكم من البلطجة. 


لم تنتهي الحكاية ...........


شحن سلاحه مرة أخرى محاولاً ان يضرب رصاص ليفزع من في المنطقة أكثر ( وكأنه احمد السقا في فيلم الجزيرة ) والله ثم والله مش عارف من اين جاءتني قوة القلب وقفزت ومسكت سلاحه ومنعته من ان يضرب. قلت له:- الجرحى المرقدين في حالة نفسية صوت رصاصة واحدة يرعبهم وفي مدنيين في المستشفى الامر مايستحق لأن ترعب الناس. 


ماتوقعت ردّت الفعل منه ? اخذ خطوتين للوراء وضرب رصاص فوق رأسي وشحن ثالث مرة وقالي باصفيك ( انتم اصحاب الوالي ماتيجوا الا بالعين الحمراء لازم حد يدعسكم عشان تمشي اموره ) 


? مشيت لقدامه رجع للوراء يقولي والله بصفيك. قلت له انا اعزل ومش خايف منك وانت بالآلي حقك جالس تبرز عضلاتك لانك خايف لكن الكلام مش معاك مع قائدك ( هاشم السيد ) 


وعادي ردلي بأبتسامة استهتارية حق واحد روفلي وقالي تعال ( خندقها ) هؤلاء هم مطاوعة دلع كرشك. 


قائد الكتيبه هو مهران القباطي


اتصلت بعمي وقتها وحكيت له بأنه تم رفع السلاح فوقي وتهديدي وتهديد امن المستشفى واسم الوالي بالتحديد،، بحكم ان هاشم السيد ومهران كانوا على تواصل دائم مع ابن عمتي وعمي في بداية الحرب. 


قالي عمي بكل بساطة: روح البيت ولا تعمل ردة فعل وبيقع خير لما الامور تهدأ ( حقنة فولتارين ) . علمت وقتها بأن قيمتي في هذا المجتمع صفر

لا اسم عائلتي ولا عائلتي نفسها ستحميني. 


والبعض يتسآل ليش انا مستميت عشان اخرج من هذه البلاد 

كتب/احمد الوالي