الكوليرا بين الفوبيا والاستهتار !

من المسؤول عن هذه الفوبيا التي سيطرت على الجزائريين جراء أخبار بعض الإصابات بالكوليرا هذه الايام؟

هل هي السلطة التي لم تعرف كيف تسير الإصابات والإعلان عليها، أم مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات التي ساهمت في تهويل القضية مع أنها لم تصل حد الوباء، فوفاة شخصين وبعض الإصابات لا يجعل منها وباء، لكن وجب التصدي للمرض  وتطويقه لمنع انتشاره؟

 هل من فكر في وضعنا إزاء دول الجوار والخارج، حتى أن مواقع اخبارية تونسية دعت لمراقبة السياح الجزائريين خوفا من الكوليرا؟ وسيجد المسافرون الجزائريون حتما معاملات  سيئة عبر المطارات بسبب هذا التهويل، نعم أصر على أن هناك تهويلا في التعاطي مع المعلومات حول الداء. فإن كان الغرض استعمال القضية لمحاولة الإطاحة بالسلطة فإنها ستطيح بالجزائر كلها وليس السلطة التي لم تزعزعها حتى قضية الكوكايين.

السلطة تتحمل مسؤولية سوء التعامل  مع الإصابة وسوء تأطير المجموعات المحلية التي لا تقوم بواجبها في تنظيف المدن ولا ترفع القمامة في وقتها، ومسؤولة أيضا لأنها لا تراقب الفلاحين الذين يستعملون مياه الصرف الصحي لسقي المزروعات، وكان عليها أن تدمر المحاصيل في مثل هذه الحالات،  ومسؤول وزير الصحة الذي لم يظهر إلا بعد أيام من ظهور الداء ووفاة حالتين، ولولا حث الرئيس له للتكفل بالمصابين  لما كان ليتحرك. وتتحمل وزارة البيئة نصيبا كبيرا منها، فالوزيرة التي كانت تخرج من حين لآخر لكنس شوارع القصبة، أين هي الآن و الينابيع أصبحت مفرغات عمومية وصارت خطرا على صحة المواطن وليس ينبوع سيدي لكبير وحده سبب الإصابات؟  لكن الإعلام الباحث عن الإثارة ومواقع التواصل هي الأخرى تتحمل مسؤولية زرع الرعب  وسط الجزائريين والتهويل في نشر المعلومة دون التحقق من صحتها، ومسؤولية المواقف التي قد تتخذ ضدنا في الخارج، فنحن وسط جوار عدواني يبحث لنا على أقل الهفوات ليشن حربا علينا، فالمسؤولية يتقاسمها الجميع ، السلطة والمجتمع، وللأسرة مثلما للمجالس المنتخبة  نصيب أكبر من المسؤولية أمام الأوساخ المنتشرة في شوارع المدن وأغلبها تحولت إلى مفرغات  ومرتعا للفئران، ناهيك عن الذباب والبعوض.

يبقى أن نستغل هذا المصيبة بصورة إيجابية في القيام بحملات تنظيف واسعة، وتوعية المواطنين بمخاطر مثل هذه الأوبئة، ولإجبار المؤسسات على القيام بمهامها، فلو لعبت البلديات دورها في النظافة والمراقبة ولو قام الولاة ورؤساء الدوائر بواجباتهم، لما تحولت شوارع المدن إلى زرائب ومزابل، فرب ضارة نافعة ، ولنحول هذا الرعب إلى وعي بالمخاطر الناجمة عن الاستهتار بالبيئة وبحياة المواطن.

استدراك:

كلام مسجد تليملي بمقال أمس منقول عن جدار فايسبوك الناشطة الطاوس أيت مسقت، فمعذرة لها وللقارئ

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...