لعنة فواتير الكهرباء

تعتبر الكهرباء أحد أبرز خدمات البنية التحتية لأي بلد، إلاّ أنها في بلادنا أصبحت أحد أبرز الأعباء الكبرى سواءً على كاهل الدولة نفسها نتيجة الفساد المتفشي في هذا القطاع الحيوي الهام، أو على المواطن الملتزم بسداد فاتورة الكهرباء المحتوية إلى جانب رسوم الاستهلاك على رسوم خدمات وصيانة نظير الخدمات المفترض تقديمها للمشترك.

وقد كان قيام مؤسسة الكهرباء برفع التسعيرة خلال عامي 2009- 2010م المقدمة الأولى التي جعلت المواطن يتمرد بعدم دفعه لفاتورة الكهرباء لتأتي بعدها أحداث ما سمي بـ "ثورة التغيير" في العام 2011م وما رافقها من فوضى وانقطاعات للكهرباء لفترات طويلة، لتزيد من أعداد الممتنعين عن السداد لتكتمل حلقات التمرد عن سداد فاتورة الكهرباء بعد حرب 2015م ويصبح المواطنين الملتزمون بالسداد أقل من 15% من إجمالي المستهلكين، ولم يتم إعفاؤهم حتى اثناء الحرب بعد ان أعلنت السلطات المحلية في عدن إسقاط مديونية الاستهلاك حتى ديسمبر 2015م، عدا تعاون مؤسسة الكهرباء باستلام المبالغ بالتقسيط فقط.

الغريب ان هذه الفئة الملتزمة تفاجأت في الشهر الماضي بزيادة مضاعفة "مائة في المائة" عما كانوا يدفعونه في الشهر الذي قبله، ولا يعرفون هل التعرفة ارتفعت أو وضعت بطريقة عشوائية، وعند استفسارهم مؤسسة الكهرباء عن ذلك الارتفاع، كان ردهم بأن الاستهلاك زاد بسبب تحسن وازدياد ساعات التشغيل وهو أمر يدل على الاستخفاف. 

تعلم مؤسسة الكهرباء عن حجم الصعوبات التي يتحملها المواطن البسيط في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وتدني دخله وعجزه عن تأمين مستلزمات قوته الضرورية، وبالتالي عدم استطاعته تسديد فاتورة الكهرباء برغم قناعتهم التامة بوجوب دفعها، كما ان هناك فئة أخرى برزت مؤخرا بعد أن تملكها الإحباط واليأس من وعود مؤسسة الكهرباء بتحسين خدمة الكهرباء، مما جعلهم ينصرفون عن دفع الفواتير برغم قدرتهم المادية على ذلك.

والسؤال المهم الذي نوجهه لمسئولي مؤسسة الكهرباء في عدن، هو: لماذا يتم استغلال من يدفع بانتظام، وهم القلة القليلة الملتزمة بالدفع، هل لأنهم الجهة الأضعف للاستقواء عليهم بدفع الفاتورة مضاعفة بديلا لمن لا يدفعون، فمن غير المنطقي أن تقوم المؤسسة بزيادة التسعيرة على الفئة القليلة التي تسدد بانتظام ويقومون بخلق أعذار واهية عن تحسن الكهرباء لساعتين او أربع ساعات ليتم رفع تكلفة الفاتورة غير المبررة.