مقال للرئيس علي ناصر محمد .. القطار.. رحلة إلى الغرب

انتهت رحلتنا بالوصول الى عدن عبر الجبال والرمال والجمال ونشرت في صحيفة عدن الغد بتوجيهات من رئيس تحريرها الاستاذ فتحي بن لزرق وإعداد وإشراف الاستاذ الخضر عبد الله محمد وإخراج وجدي محمود غلام. وكان الخضر عبدالله قد أشرف قبل ذلك على نشر كتاب "ذاكرة وطن.. عدن من الاحتلال الى الاستقلال" ونقل كل ما نشر في هذين الكتابين للقارئ، ونحن نشكرهم جميعا على ذلك.

كما نشكر القرّاء الذين تابعوا نشر هذا الكتاب سواء الذين انتقدوا أو شتموا أو أشادوا بجهدنا المتواضع في تجميع ما ورد فيه من معلومات وصور فيما يزيد عن 83 ألف كلمة، ونعدهم أننا سنستفيد من كل ذلك في الطبعة الثانية من كتاب "الطريق الى عدن" بإذن الله. ونعتذر لأي خطأ صدر عنا في هذا الكتاب فجلّ من لا يخطأ فمنهم المعذرة ومنا الوفاء في الطبعة الثانية، فقد جمعت هذه المعلومات، التي يعود بعضها لأكثر من مئة عام، على مدى أكثر من 20 عاماً من الشخصيات المعمّرة التي عاصرت أحداث ما ورد في هذا الكتاب، أو أبناء وأقارب الذين لهم علاقة بما ورد فيه ومن الكتب العربية والأجنبية ومن الوثائق الأخرى.

وبالانتهاء من نشر كتاب الطريق الى عدن نواصل رحلتنا الجديدة بالقطار الى الغرب فقد شهدت عدن في بداية القرن العشرين أول قطار في المنطقة بعد قطار الحجاز عام 1900م الذي كان ينطلق من اسطنبول مروراً بدمشق الى المدينة المنورة، وكما بدأ نيبور ورفاقه رحلتهم بالبحر من كوبنهاغن الى صنعاء، فرحلتنا ستبدأ بالحديث عن قطار عدن والحجاز ودمشق. ومن دمشق انطلقت رحلتنا الى الغرب وسجلنا فيها انطباعاتنا عن هذه القارة العجوز التي كانت في الماضي سيدة البحار والغزو الاستعماري لدول العالم واكتشاف الاميركيتين في القرن الخامس عشر.

كان نيبور قد انطلق برحلته من كوبنهاغن مروراً بحوض البحر المتوسط ومصر وجدة  وعدن والمخا للوصول الى صنعاء للبحث عن شجرة البلسم التي كان ملك الدنمارك يريد استخدامها للعلاج من كافة الأمراض. وبعد سنوات من الرحلة المضنية بحراً وبراً عاد نيبور وحده الى كوبنهاغن بعدما خسر كل رفاقه بالرحلة، كما مات الملك صاحب فكرة البعثة، ولكن وقائع وأحداث هذه الرحلة خلدها نيبور في كتابه من كوبنهاغن الى صنعاء التي زرتها خلال هذه الرحلة. ولم يستقبله الملك الشاب الجديد الذي لم يهتم به وبعودته ومغامراته والمعلومات التي جمعها عن شجرة البلسم، ولكن أكثر من كرمه في رحلته هي مدينة حلب التي أشاد بها وبشعبها وبحكامها وعلمائها الذين احتفلوا بمقدَمه بعد هذه الرحلة المضنية، وكانت حلب سيف الدولة تكرم أدباءها وشعرائها كالمتنبي وأبو فراس الحمداني وغيرهم من الشعراء والأدباء في ذلك التاريخ ولهذا لم تبخل عليه بهذا التكريم.

فإلى رحلتنا الجديدة الى الغرب عبر القطار من باريس الى لندن ومن باريس الى بلجيكا وهولندا والدنمارك والنرويج والسويد وألمانيا وسويسرا وبراغ وإيطاليا وقبل ذلك بالقطار من موسكو الى لينينغراد ومن حلب الى دمشق. أما قطار عدن فلم يبقى منه إلا الذكريات التي أشرت إليها في كتابي القطار.. رحلة الى الغرب، والذي توقف عن العمل في عام 1928م. 

وقد أهداني المناضل والشاعر ادريس حنبلة رحمه الله معلومات هامة من أرشيفه الضخم عن القطار في عدن وصور تاريخية لهذا القطار الذي كان خط سيره من المعلا الى قرية الخداد شمال الحوطة بلحج.

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...