عدن الغد والقلق من الراي الاخر

(كريتر سكاي):خاص
مجتمع لم يعي بعد اهمية الصوت الاخر والراي الاخر , والتنوع الفكري والثقافي والسياسي كإثراء للحياة , لم يعي بعد اهمية النقد البناء , وان كان مؤلم , لأهميته في تقويم الواقع , واستقامة عود القيم والاخلاقيات .
مجتمع فاقد لهذا الوعي تسوده العصبية , والاصولية والتزمت والانانية الذاتية , يقلق من الصوت الاخر , مجتمع مشحون بتهم جاهزة , يرى الاخر متهم والراي الاخر تجريح , يصك صكوك الوطنية بمزاج واهواء ذلك الشحن .
فلا غرابة للهجمة الشرسة ضد عدن الغد ورئيس تحريرها , فسبقتها صحيفة اخبار اليوم , واحراق مطابعها, بأيادي لا تقرا وان قراءة لا تفهم ولا تريد ان تفهم . 
مجتمع كهذا تتراجع فيه ثقافة تقبل الراي الاخر , بتراجع ثقافة تقبل الاخر , ممن يحتكر الحق الوطني والحق اللهي , يرى انه الوصي وملزم بالوصاية , انه الولي وله حق الخلافة , وعلى غيره الطاعة والولاء , او تصيبه لعنة التهم والاقصاء .
نحتاج لجهد مضني ومرهق لأقناع مثل هذه العقليات  ان الوطن للجميع , وان الوطن ايقونة من الافكار والآراء والاعراق , تنوع مثري للحياة والعلاقات , منظم بعقد اجتماعي ( دستور وقوانين فاعله وشرع ) , فيه الكل  احرار في رؤاهم , في اطروحاتهم بالحجة بعيد عن البذاءة واللعن , وان التهم لا ترمى جزافا , هناك عقد اجتماعي دستور وقانون ينظم توجيه التهم , ونيابة تحقق في حثيات تلك التهم وتضع الاستدلالات , وهناك قضاء يفصل فيها .
مجتمع يسوده الجهل في التعامل مع الراي والاخر , من السهل جدا فيه التغرير والتدليس لتشوية الاخر لأهداف سياسية اكثر مما هي وطنية , فالوطنية منضبطة بالعقد الاجتماعي والحق المكفول , وان كان لك حق مكفول قانونا , يؤخذ بقوة ذلك القانون لا بقوة العنف والقبيلة والعشيرة والتحريض .
الوطنية اهم اركانها وطن يستوعب كل الافكار والمشاريع ويضبطها بالعقد الاجتماعي والدولة بشخصيتها الاعتبارية المؤسسات والثوابت , خارج تلك المؤسسات , مجرد كيانات تبحث عن اختراق لهذه الدولة , تحاول نخرها ,وتضطر كثيرا لتدمير اركانها لتكن البديل الأسواء, واذا بها معيق حقيقي امام مهام ومسؤوليات تلك الدولة .
من سخريات هذا الزمن العفن , زمن قهر الاخر , قهر الشركاء , لعنهم واتهامهم , بقوالب جاهزة , مبنية على اجندات , معده بلوبي وسيناريو يدار من خارج حدود الحدود الوطنية والوطن , يخضع للرغبات والقناعات , سخرية الاحتلال اليمني والمشروع العربي , في تجاهل للجذور الراسخة في عمق تلك الارض .
هذه العقلية التي اعطت لنفسها الحق في احتكار وطن , والحق في اتهام الاخر وشتمه وتعزيره , وتشويهه , وتشتط غضبا في اتهام لا يساوي شيء امام اتهاماتها , وتهدد بالعنف لتقتص لنفسها .
لا غرابة ان يستدعي نضال هذه العقلية الاجنبي للحماية , ويبصم له بالأرض والعرض , بشرط ان يهين كرامة الاخر, ويكسر ارادته ويحطم معنوياته , ويستأصل جذوره  , عقلية لا تمانع من احتلال الاجنبي لأرضها اذا كان سيقدم لها راس الاخر على طبق من الذل والهوان واستلاب الهوية والسيادة .
واقع بائس ببؤس تلك العقليات التي من الصعب ان تنضبط وطنيا , والتحديات جسام , وعلى كل الاحرار والاصوات الوطنية من الصحف والمواقع والافراد والشخصيات والاعلاميين ومنهم عدن الغد , ان تصدح بالحق , وتنتقد الواقع بإيجابية , تمارس حريتها , لتفرض واقع تقبل الراي , وتفتح مساحة واسعة من الحرية , تصارح وتكاشف دون الخوف من التهديدات , والعصبية التي تحاول ان ترفع البندقية في وجه كل قلم حر وراي حر وكلمة حرة .
ان تكشف للناس انتهاكات كل الاطراف , البسط السطو والجرائم والسجون السرية وتكميم الافواه , وتحطيم المعنويات وكسر الارادة , ليفهم و يعي مثل هولا ان الوطن ليس وطنهم وحدهم كان شمال او جنوب او يمن مواحد , الوطن للجميع بكل الاطياف والافكار والاعراق , الناس متعلقة عاطفيا وروحيا وهوية بالأرض التي ولدو فيها , و ولائهم بالأمة والهوية والارث والتاريخ , مهما تحاولون تغيير تلك الولاءات , ابحثوا لكم عن هوية وتاريخ مختلف في مكان اخر ,في حضن التبعية والوصاية , لا في صلب وعمق تلك الارض التي تحاولون استلابها لتلبي قناعاتكم المشوهة , من لا يعي حجم هذا التشوية وضرره عليه قراءة التاريخ جيدا .
احمد ناصر حميدان

مقالات الكاتب

الحجر الصحي في الغربة

يتكبد اليمني أوجاع الغربة والبعد عن الأرض والأهل مجبورا، بحثا عن ما يفتقده في وطنه الأم، يغترب من اج...