عن تعز

اهمية تعز ليست فقط في ثقلها السكاني ووعيها المجتمعي وثقلها الاقتصادي وكتلتها البيروقراطية ولكن ما يتجاوز كل ذلك هو روحها المدنية.

ذات يوم من العام ٢٠١٦ كنت اتحدث مع هشام السامعي وهو شاب من تعز ممتلئ بالحيوية والهمة والحماس لتعز وقلت له ( اخشى ان هذه الحرب ستدمر بنية تعز المدنية وستغير روحها المتجذرة في نفي العسكرة)، رد علي (لا تخاف تعز ستعود كما كانت بعد ان يخرج الحوثيون).. ضحكت وافترقنا.

كنت ادرك ان القوى المتصارعة للسيطرة على تعز لا يمكن ان تتفق حول كيفية ادارتها ولا دعم من يديرها، وفي البدء استقال شوقي احمد هائل سعيد الذي اقتحم المعترك السياسي معتمدا على الارث التجاري والإمبراطورية المالية لاسرته وهي الأكبر صناعيا في اليمن وفي شركاتها يعمل اكثر من ١٥ الف موظف، ولكنه فشل لانه ادار المحافظة بعقلية ابتعدت عن الحس السياسي وتصرف كما لو كانت احدى شركات المجموعة المنضبطة اداريا وماليا!! وكان كبار أسرته معترضون على توليه هذا الموقع لانهم يعلمون تبعات الصراع داخل المحافظة وخارجها...استقال شوقي!

وجاء على المعمري عضو مجلس النواب مدعوما في الأساس من حزب الاصلاح ولكنه خرج دون ان يترك اثرا مع اتهامات بالفساد المالي الذي يلحق كل من يتولى الوظيفة العامة.. اقاله هادي!

ثم جاء امين احمد محمود وهو يحمل إرث أسرة يرتبط بتاريخها الطويل وتأثيرها في المحافظة، لكنه خسر الرهان الذي حذرته منه في اول ايام توليه الموقع وخذله الرئيس والحكومة وشدد حزب الاصلاح الخناق عليه فسافر ولم يعد!

ثم قرر الرئيس تعيين الوزير السابق نبيل شمسان محافظًا جديدًا ولكنه لم يتمكن حتى الان من تجاوز عقدة حزب الاصلاح واعتراضه عليه باعتباره من فلول الرئيس السابق ولم يقدم حتى الان ما يبرر نفقات حمايته الأمنية فلم يبقى في المدينة الا اياما معدودة ويداوم حاليا في مدينة التربة التي تبعد عن تعز اكثر من ٧٠ كيلومترا.

القوى الحقيقية في تعز هي حزب الإصلاح وأذرعه العسكرية والحوثيين وأنصارهم من اتباع الرئيس الراحل علي عبدالله، وكان هناك لواء عسكري يقوده العميد عدنان الحمادي الذي اغتيل ويتعرض لواءه لمحاولات تفتيت وانتزاع عقيدته القتالية.. ثم هناك وافد من بعيد بأجندة لا علاقة لها بتعز وهو طارق صالح الذي يقود ألوية اطلق عليها (حراس الجمهورية) وليس له اي تأثير سياسي داخل المحافظة ولكن وجوده يخلق مشاعر سلبية بسبب عدم قبول كثيرين في المحافظة لتدخله في شؤونها!

هناك شخصيات حزبية كانت ادوات صالح في المحافظة، وأخرى مناوئة لها.. هذه تصارع بعضها من اجل محاولة تزعم تعز وأغلبها ليس لديه من الامكانات الذاتية اكثر مما كان يمنحها لهم صالح، واخرون صار مقدم الدعم الخارجي هو موجهها نحو نهايات لا علاقة لها بأزمة تعز الحقيقية.

لم يعد عند هذه القوى اي هدف يجمعها سوى تصدر المشهد ثم استغلاله من اجل تحقيق مصالح حزبية او خاصة..

تعز تحتاج اولا وأخيرا من يدبر امرها بأجندة تضع مصلحة ابنائها اولا ولا ينتظر توجيهات أمناء العموم وممولي الصراع داخلها.

مقالات الكاتب

متى يعود هادي إلى عدن؟

تناولت في مقالي الأسبوع الماضي حجم الآمال التي يعلقها الكثيرون على عودة الحكومة إلى عدن واعتبروها إن...