مقال ل محمد عقابي: تجار المسيمير ثراء بعرق الكادحين.

ها هو شهر رمضان الفضيل يطرق الأبواب علينا مستئذناً للدخول حيث لم يتبقى سوى أيام قلائل تفصلنا عن وصول هذا الضيف الكريم والمبارك، وللتذكير الذي لا ينفع الجشعين والطامعين فقد كان الناس الى وقت قريب يستقبلون هذا الضيف بحفاوة كبيرة مليئة بالبهجة والسرور والتعاضد والتكافل فيما بينهم، وفي ذلك الزمن الجميل زمن الرجال الطيبين كان الناس في بلادنا يقضون أيام شهر شعبان بترديد أهازيج الإبتهال والترحيب إبتهاجاً وفرحاً بقدوم شهر الطاعة والعبادات حيث لاشي يثقل كواهلهم ولايرهق عزائمهم او يؤرق حياتهم من متطلبات العيش بسبب عادات التكافل والتراحم السائدة في المجتمع، اما اليوم وفي زمن زاد فيه الجشع والطمع فسدت تلك الصور الإبتهاحية وتبدلت وتغيرت اساليب استقبال هذا الشهر الفضيل وباتت متطلباته تمثل كابوساً يقض مضاجع معظم الناس خاصة الفقراء والمعوزين من محدودي الدخل والمساكين وذلك لعجزهم عن توفير وشراء حاجيات الشهر وضروريات صيامهم نتيجة الإرتفاع الجنوني للأسعار.

في بلادنا يمارس التجار أبشع صنوف الظلم والقهر بحق المواطن في ظل صمت لا مبرر له من قبل الجهات المعنية التي للأسف تغض الطرف دوماً عند هذه الأفعال التي تتنافى مع القيم والتعاليم الدينية والدنيوية بل اننا نلحظ هؤلاء الأصناف من البشر منزوعي الرحمة يقومون بإستغلال غياب دور أجهزة الرقابة والمحاسبة ليعبثوا بحياة المواطنين ويتلاعبوا باسعار قوتهم اليومي ويحتكرون المواد الأساسية للعيش ويبيعونها بحسب اهوائهم.

ومديرية المسيمير محافظة لحج بتعداد سكانها الذي يتجاوز 80 الف نسمة يعتمد غالبية اهاليها على المرتبات الشهرية، ومرتب الموظف كما يعلم الجميع لايسمن ولا يغني من جوع بل ان معاش شهر لبعض من موظفي الدولة من ابناء هذه المديرية لايفي بسداد قيمة كيس رز مع جالون زيت فكيف إذا كان ذلك الراتب تعتمد عليه أسرة كبيرة في توفير مقاضي ومتطلبات الحياة الأساسية فكان الله في عون الجميع، وفي مقابل هذا الواقع المرير والمؤلم الذي يعاني نيرانه المستعرة المواطن الضعيف والمسكين يزداد الثراء الفاحش للتجار وتزداد ايضاً تطلعاتهم الجارية طموحاتهم المستقبليه وتتوسع احلامهم الإستثمارية ويذهبون لإنشائهم مشاريع لضمان مصادر دخل اخرى تدر عليها بالملايين ليستمروا في مسلسل حلب المواطن وابتزازه دون رحمة، وهناك من وضع لنفسه نهج واضح لهبر المواطن الغلبان ونحن نعرفه ونتحفظ على اسمه حتى اضحى بين ليلة وضحاها متخم بالثراء ويعيش حياة بذخ وترف ورفاهية على حساب عرق اولئك الشقاة المكافحين من الفقراء والمساكين والمعدمين الذين يكابدون الليل والنهار لأجل الحصول على لقمة العيش في صراع دائم ومستمر للبقاء على قيد الحياة، هل هذه هي شيم الرجال يا هؤلاء فاين هي الرحمة والأخلاق منكم ايها التجار تجاه المغلوبين على امرهم، وهل تظنون يا من تجنون الربح الباهظ وتستثمرون اتعاب غيركم دون وازع او ضمير او رحمة ان هذا الربح الذي يخرج عن إطار الحلال ستكون فيه بركة ولا والف لا فهو وبالاً عليكم وعواقبه خسارة وحسرة وندم، لماذا لاتعوا عاقبة الطمع والجشع وتعتبروا من قصص وحاكايات اسلافكم ممن سار على هذا الطريق وأكل اموال الناس سحتاً دون وجه حق، وهل تعلمون ان هناك بطون خاوية اضناها العوز والفاقة وضيق الحال، هل تدرون يا تجارنا ان هناك أسراً لا تتناول إلا وجبة واحدة في اليوم واخرى قد لاتجد قوت يومها تعيش في تعفف لا يعلم بحالها إلا خالقها وانتم تعبثون وتنعمون برغد العيش على حساب اوجاع وآلام الناس تلك المآسي التي صنعتموها انتم بسبب جشعكم وإستغلالكم الجائر وتلاعبكم وتعمدكم رفع اسعار ضروريات الحياة، هل تعلمون انكم بإحتيالكم التجاري تغتالون أرواح المتعففين والإبرياء والضعفاء من البشر بلا سلاح وتخدشون كرامات النفوس العزيزة بخناجر قاتلة ومسمومة، فاتقوا الله ياهؤلاء وخافوا يوماً ترجعون فيه الى الله، فانتم وغير مأسوف عليكم أناس بلا ضمائر وبلا قلوب وبلا مشاعر وبلا اخلاق وبلا وازع ديني ولا قيم ولا مبادئ تنهاكم عن هذا الفحش والجرم العظيم، فقد كنتم سابقاً تكذبون على البسطاء وتبررون زيادة الأسعار بسبب كلفة النقل المصاحبه لإرتفاع سعر المحروقات فبماذا عساكم تكذبون اليوم وتبررون افعالكم القبيحة والمستهجنة.

نقول لكم اتقوا الله في خلقه وفي عباده المستضعفين وراعوا حرمة الله والمسلمين في هذه الأشهر الفاضلة وحافظوا على ما انعم الله عليكم واجتنبوا ما يغضب الله فان الله قادر على ان يزيل نعمته ويرفعها عنكم، كما ان حبل الكذب قصير يا هؤلاء وقد انكشفت عوراتكم واكاذيبكم بإنخفاض اسعار الوقود والمشتقات النفطية التي هبطت الى ادنى مستوى لها ومع ذلك لم نلمس منكم اي رحمة بالمواطن ولم نرى اي انخفاض في الأسعار بل انكم قمت برفع تسعيرة المواد الغذائية اضعاف مضاعفة بذريعة انتشار فيروس كورونا، فاي علاقة او ارتباط او صلة تجمع بين كورونا والطحين والقمح والأرز والسكر والزيت، استحوا على انفسكم وعيب عليكم يا هؤلاء كل هذا الإستهتار والعبث بحياة الغلابى من الناس وتذكروا بان هناك من يرقب حركاتكم وسكناتكم ويعلم ما تخفيه سرائركم فهو عالم بكل شيء وموهن كيد الظالمين، ارحموا أنفسكم من هذا الظلم الجائر والمتفاقم وراعوا حقوق الله في عباده المستضعفين وارفقو بمن هو محتاج وفقير بالكاد يحصل على قوت يومه وما يسد رمقه...

في كافة دول العالم تعتبر السلع الغذائية الأساسية خط أحمر واسعارها ثابته ومتاحة للمستهلك باسعار رمزية لكونها ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة وكرامة وبقاء الإنسان، لكن في بلادنا مازلنا نعاني من الظلم والقهر ومن غياب الوازع والضمير لذلك لا نجد حكومة ولا مسؤول تتحرك مشاعره ليعطف على حال المساكين او يراعي ظروف المواطن الغلبان بل على العكس نرى من هو يتلذذ بعذاب وعوز وحاجة الأخرين ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا لم تنهاكم يا هؤلاء تعاليم دينكم الإسلامي الحنيف الذي حرم الإحتكار والإستغلال والظلم فعلى الأقل انظروا كيف يفعل الأخرون وتعلموا منهم قيم ومبادئ الأنسانية وتابعوا كيف يتنافسوا لإطعام الفقراء والمعدمين والمحتاجين من البشر وكيف يرفقوا ويرحموا ويعتنوا ببعضهم البعض وبغيرهم من الحيوانات والكائنات والمخلوقات الحية الأخرى فمتى سنتعظ ونستفيد ونتعلم وتتحرك جوانح الإنسانية لديكم يا هؤلاء ان كنتم من فصيلة البشر.

مقالات الكاتب