تكلفة الحرب باهظة جدا - إذا لم تتوقف

للحرب دورا كبيرا في التأثير على حياة الانسان  بغض النظر عن النوع والجنس والعمر و اللون والهوية والطبقة والانتماء السياسي ....الخ ، نفسيا وجسديا وأخلاقيا ، على مستوى شخصية الفرد وعلى منظومة حياته ومعيشته كاملة ، من حيث إنعدام الاستقرار و الامن والامان ...وغير ذلك ، و هي تخلق إضطربات نفسية  كثيرة لديه للشعور الدائم بالقلق والخوف من المجهول و الاحباط والأرباك بأن يكون مستهدفا ليفقد حياته فجأة  .....الخ وتنعكس على أسلوب معيشته لأنها تضر بمايحتاجه من خدمات وإحتياجات ضرورية كالماء والكهرباء والبيئة النظيفة ، و تؤثر الحرب بشكل ملحوظ على الفجوة القائمة بين الجنسين في جميع الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  والسياسية فمبالنا والحرب تستمر إلى سنوات طويلة كما هي حرب اليمن التي دخلت عامها السادس في أواخر شهر مارس من هذا العام  
حيث تفاقمت الاثار السيئة للحرب في اليمن على الرجال و النساء معا ، وضاعف تفاقمه إنتشار جائحة كوفيد ١٩ الذي يبدو في التقارير الطبية أنه يصيب الرجال أكثر من النساء ، إلا أن وطأته التي أدت إلى إضطرابات إجتماعية و إقتصادية أثرت على النساء بشكل متضاعف مقارنة بالرجال ، حيث أدت الفجوة القائمة بين الجنسين إلى تزايد الآثار السلبية لجائحة كوفيد ١٩ على النساء بمعدل أكبر مقارنة بالرجال  . وبالنظر إلى واقع الحال اليمني في ظل الحرب يؤكد على أن هناك تزايد في عدم المساواة و الإنصاف بين الجنسين ومع جائحة كوفيد ١٩ تبين من مراقبة الوقائع و الأحداث بأن هناك مأساة قادمة للنساء في اليمن إلا أن هذه المأساة لاتستثني الرجال  أيضا ، إلا في حدود معينة تخلقها الظروف المادية و المعنوية المختلفة . 
فإذا تناولنا وأخذنا بعين الاعتبار بعض الأعمال و الوظائف التي تقوم بها النساء والرجال في مجال الخدمات الفندقية كعمال/ ات الخدمات أو موظفين/ات الاستقبال  أو نادلي/ات  المطاعم  ، وفي مجال الطيران كالمضيفين/ ات ، أو في صالونات التجميل ( الحلاقين/ ات أوالكوافيرات )  أو العمالة المنزلية والحراس  وجرحى الحرب من المجندين والعسكر....الخ فكل هؤلاء أضطروا/ن للبقاء في بيوتهم/ن ، بسبب كوفيد ١٩ ، في حين أنهم/ن قد كانوا/ ن  معيلين/ات لأسرهم/ن ،  بسبب الحرب التي أفقدتهم جزء من أجسادهم أو أدرجوا في قائمة البطالة او  أفقدتهن العائل الرجل للاسرة . ونظرا لأن معظم هذه الأعمال والوظائف غير رسمية ولايحبذ الرجال و لاتحبذ النساء في اليمن التقييد بسجل أنواع التأمينات المختلفة لدى شركات التأمين خاصة اللذين واللواتي يعملوا/ن في القطاع الخاص ، فلا يغدو لديهم/ ن أي مصدر أخر للحصول على المال للاستمرار في معيشة تحفظ لهم/ ن  الحياة الانسانية الكريمة ولو في أدنى مستوياتها . 
ومن هذا الجانب الاقتصادي كمثال يفقد الرجال مصادر الدخل   فتزداد حالة التوثر و العصبية والقدرة على الصبر ، فتزداد حالات اللجؤ إلى إرتكاب الجريمة في المجتمع بما فيها التسول ،   أو العنف ضد النساء والاطفال في إطار الأسرة ، وتفقد النساء الاستقلالية التي تحققت لهن وأن كانت بصورتها النسبية الضئيلة أو المرتفعة التي تختلف من اسرة لاخرى ومن مجتمع لاخر بسبب التقاليد المحافظة بجميع  المدن اليمنية ، و ينعكس ذلك أيضا على السماح لهن بالتعبير عن أنفسهن و الولاية عليها ، وتعود إلى الواجه ظاهرة الزواج المبكر والاتجار بالنساء والاطفال ، وهذا التأثير المنعكس بظلاله على الوضع الاجتماعي/ الثقافي و أفقد القانون هيبته ووجوده في إبقاء واقع الحال متماسكا إلى حد ما .
أن هذا التأثير المؤلم يحتاج من الرجال و النساء إلى مراجعة دقيقة لتحديد الأولويات في مطالبهم/ن ، لرفعها الى الجهات المعنية في حكومة الشرعية وسلطات الامر الواقع شمالا وعدن ولحج جنوبا ، وهذه بدورها عليها قراءة واقع الحال جيدا بدقة شديدة  لمعرفة الأهم فالمهم للمجتمع الذي يقع تحت سلطتها ، دون اللجؤ الى لغة السلاح  لمعالجة  المشاكل التي تتفاقم طرديا  مع  سوء أستمرار الأوضاع ، وعلى منظمات المجتمع المدني  والمجموعات النسوية  المراقبة  لما سيتم  إتخاذه من قبل هذه السلطات ،   خوفا من إنهيار القيم الانسانية و السقوط الكامل للانسان اليمني . 
 فماحدث يعتبر إنتكاسه  حقيقية في تكدس رأس مال بشري و عطل في تمكين إقتصادي وإنعدام لحقوق المواطنة ونهب للمال العام وفساد على مستوى كل الهيكل الوظيفي للسلطة  التنفيذية و القضائية  والعسكرية والأمنية شمل الرجال والنساء في دولة هشة جراء الحرب من جهة وتفشي جائحة كوفيد ١٩ من جهة أخرى ، ستؤثرعلى الرجال والنساء بشكل أكبرأن لم يتم الاهتمام بها من قبل الجميع ( أطراف الحرب ،القوى السياسية ، منظمات المجتمع المدني ،  المكونات النسائية والشبابية ....) خاصة وأن الإنجازات والمكاسب التي تحققت  للنساء في المجتمع اليمني  جاءت بشق الانفس والاجتهاد والكفاح المتواصل للاخفاق حينا والنهوض حين أخرعلى مدى عشرات السنين في مجتمع محافظ جدا أزداد تعقيدا مع هذه الظروف التي ضاعفت مأساته  والاستمرار  في التغاضي عنها  وعدم القيام بمراجعة ومراقبة  شاملة لها   يعني إستنزاف لكل ماهو حي وموجود في اليمن ،  للثروة والموارد والايرادات و إرتفاعا في التكلفة المادية لعلاج كل الآثار وهي ضريبة باهظة سيدفعها كل المجتمع اليمني .

 عفراء خالد الحريري
عضو مؤسس بجنوبيات من أجل السلام

مقالات الكاتب