الرئيس علي ناصر محمد يكتب.. سد النهضة

اطلعنا اليوم على مقال للأستاذ مصطفى الفقي وهو مقال هام وصريح وجريء، بل هو صرخة وتحذير لما يجري بين مصر وأثيوبيا، والموقف السلبي من العرب بل تمويل بعض الدول العربية لبناء سد النهضة، وأقتبس من مقاله:
"ترددت كثيرًا قبل أن أخوض في هذا الموضوع ولكن لأنني ابن جيل - مصري الانتماء عروبي الهوى- فقد قررت أن اقتحم المسكوت عنه، وأن أكتب ما يجول في خاطري بشفافية ووضوح، فأنا أشعر بغصة لا أخفيها عن أشقائنا العرب من موقفهم غير الحاسم من التعنت الإثيوبي والجريمة الكبرى التي يجرى استكمالها لتعطيش الشعب المصري بل وتجويعه أيضًا....... وأدهش كيف لم يلتفت العرب إلى أن مصر هي صاحبة التضحيات الجسام عبر التاريخ كله والشريك الأكبر في تحمل أعباء القضية الفلسطينية مع أشقائه العرب على امتداد أكثر من ثمانية عقود، وأدهش أكثر أني لم أسمع عن حكومة عربية تشاورت مع أمين عام جامعة الدول العربية حول الدعوة إلى قمة عربية طارئة لمناقشة مسألة العبث بمياه النيل وضرب المصالح الحيوية والحقوق التاريخية لبلدين عربيين هما مصر والسودان. وقد تذكرت عبدالناصر - رحمه الله - الذى أرضعنا عروبة وغذّانا قومية وصور لنا أنها قدر ومصير وحياة! ألم يكن هو الذي دعا إلى قمة عربية طارئة عام 1964م عندما بدأت إسرائيل محاولة تحويل مجرى نهر الأردن؟!....... يجب أن تدركوا أيها الأشقاء أن إضعاف مصر هو إضعاف لكم جميعًا وأذكركم بالمأثورة التي تقول (أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض) مع الفارق في التشبيه..." انتهى.
كما قرأت مقالاً آخر عن الأضرار الناجمة في حال انفجار السد وما سيلحقه من أضرار على السودان ومصر على طول مجرى نهر النيل حتى الدلتا على المتوسط وتدمير السد العالي بأسوان وكذلك المدن والكباري والآثار التاريخية وتشريد الملايين.. ونأمل ألا يحصل لمصر ما حصل لأرض الجنتين بعد انهيار سد مأرب..

وسبق وأن كتبت قبل عشر سنوات أثناء عودتي من رحلتي الى أوروبا والتي سجلتها في كتابي بعنوان "القطار.. رحلة الى الغرب" الصادر عن دار المدى 2019م.. وأقتبس منه:
"عبر الشاشة الصغيرة التي توجد عادة في الطائرات شاهدت بعض الأضواء حول بحيرات صغيرة في الهضبة التركية كما نبهتنا الى ذلك إحدى المضيفات... لعلها أحد منابع نهر الفرات الذي يواصل جريانه إلى سورية والعراق ويصب في شط العرب وقد بنت تركيا سدوداً ستؤثر حتماً على كمية تدفق المياه الى سورية والعراق وعلى مستقبل الزراعة والحياة فيها. وكجزءٍ ثانٍ من سياسة تعطيش العرب تبني إثيوبيا سد النهضة وتقول الأخبار إن سدوداً أخرى ستتبعه، وهذه كلها ستحد من تدفق المياه مستقبلاً الى مصر والسودان ومالم يتم احترام اتفاقية تقاسم مياه النيل أو وضع اتفاقيات جديدة للمياه بين هذه البلدان فإن البديل هو حروب المياه من اجل الحياة وهي حروب المستقبل التي تتمنى اسرائيل حدوثها. وكانت قد أعلنت تركيا قبل قدوم حزب أردوغان الى السلطة عام 2002 أن مياهها تساوي في قيمتها قيمة النفط ثم واصل أردوغان نفس السياسة.. وفي الحالة الاثيوبية فقد عقدت عدة جلسات للمفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا لخلق اطمئنان لدى مصر والسودان بأن السدود الأثيوبية لن تلحق الأذى بمصر على وجه الخصوص ولكن لا نتيجة إيجابية لذلك وهو ما تعبر عنه مصر بأدب واعتدال بأن الوضع مقلق". انتهى الاقتباس..
وأتذكر في عام 1981م وأثناء الاعداد لمعاهدة عدن الثلاثية بين عدن وأديس أبابا وطرابلس.. وأثناء اللقاء التمهيدي لهذه المعاهدة في أديس أبابا وبحضور الرئيس منجستو والرائد عبد السلام جلود، نائب العقيد معمر القذافي، جرى الحديث حول مياه النيل الأزرق والمياه التي تتدفق من الهضبة الإثيوبية إلى مصر والسودان، وأهمية تنظيم موضوع المياه مع مصر والسودان. وقال عبد السلام جلود إن قيام إثيوبيا ببناء سدّ أو سدود تمنع تدفق المياه إلى مصر سيؤثر في مستقبل العلاقات العربية الإثيوبية والعربية الإفريقية، وردّ عليه منجستو: إن إسرائيل كانت تطالب بإقامة مثل هذه السدود، ولكننا رفضنا بل طردنا السفير الإسرائيلي، وأغلقنا السفارة وقطعنا علاقتنا مع إسرائيل وحولناها إلى مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما كانت بعض الدول العربية تتعامل مع نظام هيلا سيلاسي وتتآمر علينا اليوم.. وأضاف قائلاً «إن منع تدفق مياه النيل إلى مصر والسودان يعني الحرب، ونحن لا نفكر في ذلك لأن أي عمل من هذا النوع تتوقف عليه حياة الشعب المصري، الذي تربطنا علاقات تاريخية منذ القدم، أما السودان فلن يتأثر كثيراً بإقامة أي سدود لأن لديه مصادر كثيرة من المياه وأمطاراً غزيرة في الجنوب. 
ولكننا لم نتمكن حينها من توقيع أو توثيق مثل هذا الكلام لأننا لم نكن مفوضين بذلك وقتها.. 
ومع بداية القرن الواحد والعشرين أطلقت أثيوبيا مشروع سد النهضة وسط معارضة مصرية شديدة وصمت عربي، غير أن أثيوبيا استمرت في بناء السد وأعلنت أن الخزان المائي وراء السد، الذي سيخزن المياه لتوليد الكهرباء باستطاعة تبلغ 6000 ميغاوات، تفوق سعته التخزينية 90 مليار متر مكعب، وبكلفة تقدر بـ 5 مليار دولار لبناء السد وثلاثة سدود حوله ولا شك في أن مصر ستتأثر ببناء هذا السد والسدود الأخرى عاجلاً أم آجلاً. وكانت مصر قد أطلقت على لسان السيد اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية السابق، أنه في حال فشل المفاوضات مع أثيوبيا فإننا سنلجأ الى الخيار العسكري. وقد سمعت خطاباً للرئيس المصري محمد مرسي في عام 2013م وقال إنه إذا نقصت مياه النيل بمقدار قطرة واحدة فدماؤنا هي البديل وجرى تصفيق حار في قاعة الاجتماع. ولكن هذه التصريحات جاءت بعد فوات الآوان وفرضت أثيوبيا الأمر الواقع على مصر بدرجة أساسية التي ستتضرر لاحقاً من بناء سد النهضة لأن الحضارة والحياة في مصر عبر التاريخ قامت على مياه النيلين وهو ما ينطبق على المقولة المشهورة «مصر هي هبة النيل».
وقد أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر ليست ضد التنمية في أثيوبيا وقال: "أن المياه لأثيوبيا هي من أجل التنمية، أما بالنسبة لمصر فهي من أجل الحياة.. ولن يتم تشغيل سد النهضة بفرض الأمر الواقع".

مقالات الكاتب

أوقفوا الحرب في جنين

نتابع بقلقٍ بالغ ما يحدث في مدينة جنين الفلسطينية منذ أيام بين قوات الأمن الفلسطيني وشباب المقاومة،...

الزلزال السوري

شهد التاريخ العربي صعود وزوال دول من أبرزها الدولة الأموية التي اتخذت من دمشق عاصمة لها وانطلقت منها...