لماذا يستميت السفير السعودي بالابقاء على معين عبدالملك رئيسا للوزراء؟!

لا يتحرك السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر من واقع المصلحة السعودية اليمنية وإنما من زاوية الربح والخسارة الشخصية فهو اليوم تاجر يتلاعب بمئات الملايين ان لم يكن مليارات الدولارات.
كل هذه الثروة جناها ال جابر في فترة قياسية وعمرها بعمر منصبه الدبلوماسي وسنوات الحرب الخمس التي يدير ملفها في اليمن.
يتحكم ال جابر بملف الاعمار والاغاثة ويدر عليه ملايين الدولارات وعينه على ملف النفط وملف الاتصالات.
ملف الاعمار وهو الاكثر تعقيدا وعبثا وشكل ملامح العلاقة بين ال جابر ومعين عبدالملك منذ كان وزيرا للاشغال، حينها تأكد ال جابر أنه لن يجد مطية أطوع من معين فسعى بكل قوته لوصوله الى مقعد رئيس الوزراء وهو ما تم بالفعل.
يحرص ال جابر بكل ما اوتي من قوة على احتفاظ معين عبدالملك بموقعه الحالي ليس حبا في معين ولكن لتستمر شبكة المصالح التي بناها السفير ورتبها بعناية فائقة في العمل وبالتالي جني الأموال الطائلة بدون تعب.
يدير ال جابر مليارات الدولارات في ملف الاعمار وكل المشاريع على شاكلة مطار مارب الذي أعلن عنه لكنه لم ولن ير النور وسيظل مشروع على ورق تصرف فيه ملايين الدولارات على الدراسات وغيرها، وتذهب معظمها لجيب السفير.
مؤخرا ادرك بعض الضباط السعوديون المعنيون بالشأن اليمني حجم الثروة التي يراكمها السفير ال جابر من صفقات الفساد التي يديرها وبناء على ذلك نشأ صراع خفي للاطاحة بآل جابر ليس من منطلق تجفيف الفساد والقضاء عليه وإصلاح الخلل الكارثي الذي تسبب به، وإنما ليحلوا مكانه ويستأثروا بصفقات الفساد تلك وقد فشلوا حتى اللحظة في تحقيق مطامعهم.
لقد شكل ال جابر شبكة من المصالح المشروعة وغير المشروعة على المستويين السعودي واليمني منحته صلاحيات واسعة وجعلته يمسك بالكثير من خيوط المشهد ويلعب بها باحتراف بالغ لإطالة أمد الحرب وبالتالي ضمان استمرار أبواب الفساد مشرعة واستمرار تدفق الدم والمال الحرام.
لقد كشفت الدعوات العاجلة التي وجهها السفير آل جابر  قبل اسبوعين لمستشاري رئيس  الجمهورية وهيئة رئاسة البرلمان وبعض قيادات الاحزاب للحضور الى الرياض للمشاركة في اجتماع طارئ لمناقشة قضايا متعلقة بالتطورات الأخيرة في الشأن اليمني بأن آل جابر نصب نفسه الحاكم الفعلي لليمن، وها هو يجتمع بالمستشارين والمسؤولين ويحدد مسار عملهم ومهامهم بما يخدم مصلحته لا مصلحة اليمن.
يلتقي السفير ال جابر برئيس الجمهوري ويبيع له الوهم، وبالمثل يلتقي بالاطراف المشاركة في مشاورات الرياض كل حده ويسوق نفسه لديهم وبأنه حريص على حضورهم وتمثيلهم، إنه يشعر كل الأطراف أن مصالحهم تمر عبره وبالتالي عليهم الانصياع والتسليم له.
يجتمع السفير السعودي بالمستشار حيدر أبو بكر العطاس وجماعته على حده ويوهمهم بأنه معهم، ويلتقي كذلك بجماعة الانتقالي ويسوق لهم الوهم ذاته، والمؤكد أن السفير يعمل لمصلحته الشخصية فقط حتى على حساب مصلحة بلده وملكه.
وبدلا من انصراف السفير نحو وضع حلول حقيقة تضمن تنفيذ اتفاق الرياض ووضع حد نهائي للفوضى في المحافظات المحررة باعتباره يمثل الرياض التي ترعى المشاورات، بدلا من كل ذلك يصرف السفير جل اهتمامه في التركيز على بقاء معين عبدالملك رئيسا للوزراء وبالتالي ضمان استمرار مصالحه غير المشروعة.
يمارس السفير دور البهلواني الذي يجيد النط على الحبال بخفة فيلهب مشاعر الاطراف المشاركة في مشاورات الرياض ويرفع سقف توقعاتهم، ويزين لهم بقاء معين عبدالملك وأنه نقطة التقاء كافة الاطراف، وأن البحث عن بديل سيكون صعب، وسيعيق المشاورات ويفشلها، وفي المقابل يبتز الاطراف والمكونات ويهدد الوزراء الذين لا ينصاعون لأوامره باستبعادهم من الحكومة القادمة.
لقد تمكن بالفعل من تحويل مجموعة من الوزراء الى مجرد مخبرين وكلاب حراسة على بابه وهم نايف البكري وزير الشباب والرياضة وعثمان مجلي وزير الزراعة وسالم بن بريك وزير المالية وعبدالرقيب فتح وزير الادارة المحلية، وهؤلاء الوزراء ليسوا من طيف سياسي واحد وما يجمعهم هو الولاء للسفير ولمصالحهم الشخصية على حساب انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية وحتى الوطنية.
إنه يسعى لزرع رجاله وتثبيتهم في أهم المناصب والمواقع الحساسة سواء في الوزارات او غيرها ولذا يضغط على تعيين مراد الحالمي محافظا للعاصمة المؤقتة عدن وعينه على المكاسب المادية التي سيجنيها من عدن سواء في ملف الاعمار وملفات اخرى ينوي الدخول فيها.
وها هو بالأمس يرسم خارطة تشكيل الحكومة بدلا عن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل الاحزاب والمكونات ويوزع الحقائب الوزارية على هواه ويعطي ويمنح بحسب مزاجه ويضع اللمسات الاخيرة على كل شي، لقد منح نفسه كل السلطة واصبح يتصرف كحاكم مطلق الصلاحيات.
يدير آل جابر الشأن اليمني بشكل مباشر، وتغريه حالة الضعف والارتهان للقيادة اليمنية بممارسة دورها، ومع مرور الوقت فقد السفير اللياقة الدبلوماسية ونسي وظيفته، واصبح يحدد مهام هذه الجهة او تلك ويوزع الصلاحيات ويدعو لعقد اجتماعات بقيادات الدولة العليا لتحديد مصير اليمن.
المؤكد اليوم أن من يتحكم بالملف اليمني ويدير أدق تفاصيله هو السفير ال جابر، وأن كل قيادات البلد أصبحت ألعوبة بين أصابعه يتحكم فيها كيف يشاء، وأن اليمنيين بعد خمس سنوات خسروا بلدهم مقابل تحقيق ثروة وثراء آل جابر، وما معين عبدالملك الا شيك مفتوح في صفقات ال جابر وحلقة مذحلة في ترس السفير الذي يأبى الدوران.
يعتقد السفير أن عبثه وفساده سيمر وأن الفساد في زمن الحرب أمر جائز وسيمر بدون عقوبة لكن ما لا يعرفه أن ملف فساده أصبح ظاهر للعيان ومحل حديث النخب وهو جاهز بالفعل ومليء بالمعلومات والاثباتات التي تدينه وأنه في طريقه للجنة العقوبات.