بين الفعل واللافعل
دعاء هزاع الجابري
جميعنا يدرك احقية الكلمة المقالة في كل موقف ، وجميعنا يدرك بأن لكل مقام مقال يضمن له احقية الرد...
أخى الحبيب أعلم أنك قد مللت من كثرة النصائح والتوجيهات التى تسمعها من هنا وهناك وأعلم أيضا أن الحياة معك صعبه وضغوطها كثيرة ومتطلباتها لا تنتهى وما تأخذه من الدولة لا يفى لأنه قليل ( وهو حقاً قليل ) ولو علموا قيمتك وقدروك حق قدرك لأغنوك وأعطوك ( جاء القضاة إلى أحد رؤساء الوزراء فى ألمانيا يطلبون منه أن يساويهم فى الراتب مثل المعلمين فقال لهم " كيف اساويكم بمن علموكم " نعم أخى الحبيب فأنت من تعلم وتنور وتنمى العقول ولولاك ما كان القاضى ولا الطبيب ولا المهندس ولا الوزير ولتعطلت الحياة وما كان هناك حضارة ولا تقدم فانت من يضع اللبنة الأولى فى صرح أية حضارة ,
عرفت أيها المعلم قيمتك ومنزلتك أنها قيمة كبيرة ومنزلة عظيمة لابد أن تجعلها فى بالك ونصب عينك ولا تفارق خيالك تتزكرها مع أشراقة كل شمس وانت تستعد للذهاب الى مدرستك ومعهدك , ودعك من تقدير الناس ( ومتى قدرت الناس ) وانظر إلى تقدير( رب الناس) فانت ايها المعلم حامل لواء العلم والنور الذى هو من أعظم الأمور وأحبها إلى الله وما جاءت هذه الكوكبة من الرسل والأنبياء إلا ليعلموا الناس الخير كما قال معلم الانسانية وسيد البشرية صلى الله عليه وسلم (لما خرج يوماً على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن ويتعلمون فكان مما قال لهم: ((وإنما بعثت معلما)) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً )
لا ريب أن مهمة النبي والرسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.
{كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون}
يقول معاوية بن الحكم: ((ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه) ، وفي رواية أبي داود: ((فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وانت أخى المعلم على قدم الانبياء لانك تعلم الناس الخير مثلهم وأنت خير الناس كما قال صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم العلم وعلمه )
أما يكفيك أخى المعلم أن الله وملائكته والكون كله بما فيه يحبونك ويفتخرون بك
ويستغفرون لك اسمع اسمع (إنَّ الله وملائكته وأهل السَّموات والأرض حتَّى
النَّملة في جحرها وحتَّى الحوت ليصلُّون على مُعلِّم النَّاس الخير) »
فلا تلتفت أخى المعلم إلى واقعنا المؤلم التى تغيرت فيه القيم وتبدلت فيه الامور وارتفع فيه شأن التافهين وخبا فيه نجم المصلحين والنافعين بل صارت تشوه صورة المعلم ليلا ونهاراً باختلاق الأكاذيب والشائعات المغرضة الخبيثة وتتلقفها وسائل الإعلام دون تحرى وتبيين وكذا دور السينما وما تقدمة من صورة للمعلم ليست جيده بالمرة فمنذ الخمسينات من القرن الماضى عندما خرج علينا عبد المنعم ابراهيم وهو يؤدى دور المعلم الفصيح الذى يتكلم بالعربية الفصحى المقعرة فى أطار كوميدى مرورا بمدرسة المشاغبين حتى الناظر صلاح الدين والاستاذ رمضان أبو العلمين حموده ونظارته وعصاه ( وغيرها من الأعمال التى أخذت من رصيد المعلم وقيمته ومكانته الكثير) فى منظومة متكاملة لهدم القيم والمبادئ والأخلاق ( قصد أصحابها ذلك أو لم يقصدوا) ونعرف وانت تعرف من يدير هذه المنظومة ؛؛؛
وهم يعرفون جيداً انه لا سبيل الى التقدم والرقى فى اى بلد إلا بالعلم ولا سبيل الى النهوض بالعلم إلا بالاهتمام بالمعلم ( ولذا نرى المعلم أقل الفئات دخلاً مع أنه أكثر الناس تعباً واكبرهم قيمة وأهمية ) والسؤال صعب مرير والإجابة أمر؛؛؛؛؛
لكن أبداً لن نعطيهم الفرصة لهدم ما تبقى من قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا ومصريتنا
ولتكن أنت أيها المعلم الفاضل صخرة الآمان والحصن الحصين الذى يحمى هذه الأجيال من معاول الهدم التى تدق على رؤسهم ليلا ونهاراً .
اثبت رحمك الله فلا نؤتى من قِبلك ؛
واستشعر تلك المهمة العظيمة التى اختصك الله بها ( فالله أعلم حيث يجعل رسالته )فالله هو الذى اختارك واختصك واصطفاك من بين الناس لتواصل مسيرة الانبياء والرسل ولتنتظم فى هذه السلسلة النورانية المباركة فلا تلتفت إلى الصغائر وتعالى عن التوافه وأخلص النية لله يعوض الله عن كل شئ ويغنيك من فضله ويرزقك البركة فى الاهل والمال والولد فليس قيمة الإنسان ما يأخذ لكن قيمته بما يعطى وبقدر عطائك للخلق تنال العطاء الأوفى من الخالق ,