اشياء صغيرة .. شرمة مرويات القمر  

     يحب ابي الرحلات ، وبالذات ماكان بين احضان الطبيعة ،  غابات النخيل ، اشجار اللبان ، اوالمعايين اوقريبا من البحر .. فاذا ذهب إلى النزهة ستكون كل هذه الآفاق وجهته .. هذه الرحاب تكون اكثر هدوءََ ، صمتا ، واتساعا ليتفكر في بدائع خلقه ..وماذا يعني كل هذا ...
 إذاقرر النزهة لايذهب وحيدا ، غالبا اكون معه ، او مع اصدقاء مختارين .. وكانت شرمة وجهته ، ثم صارت وجهتي بعد ذلك ، آتي اليها مع اعضاء اتحاد الطلبة الحضارم مرة ، ومرة مع طلبة المعهد الديني بغيل باوزير عند زيارتهم للديس وشرمة .. إحدى اقدم المستوطنات البشرية في الساحل الحضرمي ،  بقايا من قبورهم لاتزال هنا . .. 
     اما ولي الله عمر محضار  فقد اختار مرقده في اجمل بقعة بين شطين .. خليج يطل على ميناء القرن .. وساحل مفتوح على بحر العرب والمحيط الهندي ، اتخذت منه السلاحف الخضراء النادرة مستوطنة منذ وضعت اول "  حمس. " بيضها في هذه الرمال ذات قرن .. ذات شرمة .. ويأتي بنسلها الحنين واستمرار النوع إلى موطنها الأول ! 
   حطينا رحالنا صباحا ، زرنا مقام الولي . قرأنا له الفاتحة كما هي عادة ابي . ثم يقول البحر لك تعال ، فلا تستطيع مقاومة إغراء ندائه .. وبحر شرمة لايشبه اي بحر ، واجمل من اي بحر .. 
    في الليل نرقب تلك الكائنات البحرية العملاقة تخرج من المحيط إلى الشاطيء ، تزحف على الرمال ببطء ضاربة بزعانفها ، تحفر عميقا ، تضع بيوضها ، تطمره ، وتتخذ طريق العودة الى المحيط .. مشهد لايتاح لكل إمرءِِ أن يراه ، وان راءه لاينساه ويبقى من مرويات شرمةوالقمر .. 
  لم استطع النوم ولامرة واحدة في ذلك الفضاء المفتوح ، ماان احاول النوم حتى تأتي تلك الارواح وتطرد النوم من عيوني. ..ارواح كثيرة تهيم خارج المكان .. خارج الزمان ، لا تعرف روح من روح ، ولا من اي زمن لكنها في الأخير تشكل روحا واحدة خلقنا منها ذات خليقة ، لنفاجيء باننا لسنافي الكون  وحدنا ! هل كانت ارواح سكان ماقبل التاريخ ، سكان الهضبة الغربية .. ام ارواح سكان جنوب الجزيرة العربية وقد نزلت من الهضبة الشرقية ..ام تراها ارواح العصور الاسلامية خرجت من مقابرها عند المدخل الشرقي .. هل كان حلما ، آمل ان يكون حلما ولا ابحث عن تفسير لذلك الحلم ؟! 
 هذه البقعة تستقبل في كل يوم الزوار .. وتحوم فيها الارواح ..كم مرة كان الشاعر المعلم حميدان هنا يشاغل شعره موجه؟ واين سيجد فضاء للشعر افضل من شرمة رغم الفضاءات الرحبة في الديس ، وفي دنيا الخيال ؟! يسيل مع المجرى ، ويهيم مع الملكوت  ، ويعيد تشكيل الحروف ، والقوافي وتصدح بها البلابل في الايام الآتية .. لامعنى للجمال وحده دون فنان يراه ..

مقالات الكاتب