عزل مافيا اليمن


منذ ستة عقود واليمن يعيش حالة الفوضى الخلاقة، والصراع الدموي الذي اغتال(آلاف) سواءاً من الرؤساء أو من منظومة الحُكم،كلّ هذا الصراع سببه بناء قوى سياسية خاوية من خلال الشخصيات التقليدية التي لا تحمل مشروع(مفهوم الدولة)وبجهل بشع أصاب اليمن بأمراض متنوعة منها تدمير النسيج الاجتماع وإقرار المناطقية بشكل مافويٍ". وتبقي حقيقة أن أغلب قيادات الحقب الماضية ثقافتها(محو الأمية)وقوتها الخطاب الشعبوي الفارغ،والمتخصص في شؤون ‎اليمن يستطيع فرز مراحل مابعد ثورتي 26 سبتمبر 14 أكتوبر،منذ الستينيات حيث أكدت المراحل أنها ساحة سياسية (عنيفة)بعيداً عن هموم الوطن والمحافظة على مكتسباته،واللافت تَوغُل ما يُطلق عليهم مشايخ القبائل في منظومة الحُكم أدى إلى اخْتِلال في بناء دولة تقدم خدماتها لشعب وتستطيع بناء أجيالاً منتجة وثقافة تؤمن بالبناء ومفهوم الدولة وتنبذ الإرهاب والعنصرية، وأكدت المراحل الماضية أن العُنف السياسي أدى إلى ثقافة خارجة عن إطار الوطنية وتفشي(الشعارات) المؤكِدة على تحقيق أهداف تخدم الذات ومع تطور الأحداث من خلال الفوضى تشكّلت قوى سياسية متنوعة الثقافة تؤمن (بالمناطقية-والمافيا)وتنطلق من الجهل بالسياسية وتبنت خطاب الإقصاء والتخوين وحدّثت سكان اليمن من خلال فرزه إلى طبقية وأصبح فئات واسعة من الشعب في مربعات التهميش، وحدث أن الإنسان في اليمن مشغولاً بتحسين المعيشة، ‏وأدى الصراع إلى ساحةٍ مفتوحةٍ أمام الجميع ومن يملك القدرة المالية أو القبلية أو ثقافة المافوية"يستطيع صياغة منظومة الدولة بثقافة البلاطجة والإباحة،وحسب مزاج القوى السياسية التقليدية والمتجردة من أسس"المعرفة وعلومها والخبرة"في بناء منظومة الدولة،وولد الصراع عنفاً أدى إلى أن كل قوة تحاول الدفاع عن مصالحها وإقصاء الآخر حتى توغل"الجهل المتخلف البشع "وكلّ هذا الصراع خلال ستة عقود أدى إلى انهيار أخلاقي في منظومة الدولة بسبب صياغتها من خلال(الكذب والفساد والعنف)وأدى هذا الصراع لسباق نحو الثراء والمُتاجرة، وأصبحت ثقافة(فساداً مطلقاً) وهو(القيادة-الآن)وتشكيل خطاباً شعبوياً بعيداً عن الواقعية ويعتمد على أحاديث مجالس القات وشخصيات غير مؤهلة، وتؤكد الأحداث أن الجيل المعاصر  بحاجة إلى إيجاد حركة إنقاذ وطنية من خلال فرصة الصراع المحتدم الآن، تكون هذه الحركة من شباب الجامعات والمؤهلين وتكون وجوهاً جديدة"تستطيع السيطرة على الأرض لأن اليمن تعيش عدمية وجود الدولة، وتستطيع التحرك بأريحية خاصة أن أغلب الشخصيات الفوصوية أصبحت في المنفي، ‏ومع الأخذ بالاعتبار أن الخطاب الشعبوي لم يعد ذو جدوي بالساحة اليمنية لأن الساحة وصلت إلى مرحلة متقدمة من سفك الدماء وبالتالي بحاجة لحركة إنقاذ قوية بوعي سياسي معاصر ينسى الماضي وتكون قيادتها في (الدخل) وبعيداً عن الخارج الذي تؤثر عليه العوامل الدولية ومصالح الدول وضعف في العمل نظراً لقيود مفروضة على الإنسان اليمني في الخارج، ‏وبحال تحركت قوى في شمال اليمن وتناغمت مع الساحة الجنوبية بشكل مسؤول ووطني وإنساني "سيساعد هذه الحركة(مايحدث في الجنوب)من بروز لقوى جديد ونظيفة،تستطيع تشكل الساحة بثقافة تؤدي إلى سيطرة شاملة على الأرض بقدر مساحة التحرك،وبحال أنتج شمال اليمن هذه الحركة بالتناغم مع الجنوب سيحدث التغيير، ‏لأن الوعي السياسي الواقعي لقراءة الساحة في اليمن يؤكد أن مايُطلق عليها شرعية منفي"انتهت ولاتملك غير القرار على البنك المركزي اليمني وتحت الوصاية الدولية ما سيعطي لحركة الإنقاذ مساحة التحرك على الأرض وعزل الخارج اليمني المافوي نهائياً،وفرض الأمر الواقع الذي يعترف به المجتمع الدولي(واقع القوة والسيطرة على الأرض)‏وبحال برزت حركة الإنقاذ في شمال اليمن عليها أن تتبنى خطاباً معتدلاً وواقعياً مع الساحة الجنوبية وتُعلن صراحةً إعطاء شعب الجنوب حق تقرير المصير وفقاً لضوابط الدولية أي (الاستفتاء)وتعمل بجدية مع القوى في الساحة الجنوبية وبصدق والاتفاق على إنقاذ اليمن(أولاً)ثم حل القضايا العالقة فيما بعد ويكون هذا بضمان مكتوب وحوار سلمي ضامن..لأن مؤشر نهاية مايُطلق عليها شرعية المنفي اليمنية هي حالة التخبط التي تعيشها وتصريحات قيادتها وثقافة جناحها الإعلامي البعيد عن واقعية الطرح وتحمل عداءاً وهجوماً ضد الساحة الجنوبية القوية والمدعومة شعبياً ما أدى إلى إزاحة الشرعية من الساحة عملياً، لأنها طبقت سياسة التجويع والعنف ضد نضال الطويل لشعب الجنوب، وإنكار حقه،وهذا مؤشر نهاية شرعية المنفي،وبالتالي الفرصة اليوم كبيرة نحو المتغيرات التي تؤمّن اليمن إن وجدت قوى وطنية صادقة. 
-------
صحفي وكاتب يمني - عدن