الرئيس علي ناصر محمد يكتب.. في مثل هذا اليوم مات الزعيم

في مثل هذا اليوم الاثنين 28 سبتمبر 1970م هبطت الطائرة السوفياتية (أيرفلوت) اليوشن ذات المحركات الأربعة في مطار القاهرة للتزود بالوقود، وكنت حينها على رأس وفد عسكري كوزير دفاع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في طريق العودة من زيارتنا في موسكو إلى عدن ..
كانت رحلة طويلة وشاقة..
عند فتح باب الطائرة، فوجئنا بالموظفين المصريين الذين كان يبدو على وجوههم الحزن وعلى أكتافهم شارات سوداء! فتساءلنا ماذا حدث؟ 
أجاب أحدهم وهو يبكي: مات الرئيس!
أحزننا الخبر الصاعق.. وبكى البعض، كانت صدمة كبيرة أنستنا الرحلة الطويلة..
بالنسبة لي كان الخبر قاسياً على الصعيدين السياسي والشخصي..
فقد أحببته كزعيم وكرجل عظيم في آن واحد قبل أن أقابله في مرة وحيدة لا أنساها قبل ثلاثة أشهر في ليبيا.
كانت وفاة الزعيم خسارة كبرى لليمن والأمة العربية ولحركات التحرر الوطني العربية والعالمية وفي المقدمة القضية الفلسطينية.
كان اسمه يصل الى كل أنحاء العالم وكان صوته يسمع في كل أنحاء الدنيا محارباً الاستعمار وقواعده وأحلافه في المنطقة العربية والعالم، وكان حبه يملأ قلوب ملايين العرب والمسلمين والفقراء لأنه كان يعبر عن أهدافها الكبرى وتطلعاتها في غد أفضل خال من الاستعمار والاستبداد والاقطاع والفقر والعبودية والاذلال.
عادةَ كل الزعامات التي كانت تأتي من خارج مصر تكبر بمصر وكل الفنانين والمثقفين الذين جاؤوا إليها أصبحوا مشاهير في عالم الفن والثقافة والأدب في مصر.. ولكن بالنسبة لعبد الناصر فلأول مرة في تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة وحتى عام 1952م يحكم مصر قائداً وزعيماً ورئيساً من أبنائها.. رجل نجح في تأميم قناة السويس وبناء السد العالي ومصانع الحديد والصلب في حلوان ومنحَ الأراضي للفلاحين الفقراء الذين كانوا يعملون ويحرثون الأرض لصالح الاقطاع والباشوات والأسرة المالكة في مصر، ليجعل الأرض ملك من يفلحها ومصدر رزقه، وفتح المدارس العسكرية والجامعات والمؤسسات للجميع بعد أن كانت حكراً على كبار القوم فقط.
وفتحت له مصر التاريخ والحضارة وهبة النيل التي خصها الله بالنبي يوسف عزيزاً .. قلبها وأرضها وحكمها كما احتضنت عبر تاريخها العديد من القادة التاريخيين قبل الاسلام وبعده.
في ظله، وقفت مصر الى جانب الثورة اليمنية وقدمت كافة أشكال الدعم بالمال والرجال، وقبل ذلك مع ثورة الجزائر (ثورة المليون شهيد) ومع حركات التحرر في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
والتفّ الملايين من المحيط الى الخليج حول البطل القومي والوطني الذي ارتبط اسمه بالتاريخ وبنضال أمته العربية العظيمة، واجتذبت شخصيته "الكارزمية" حب جماهير الوطن العربي والعالم. ورُفعت مصر في عهده الى ذروة مجدها بل مجد الأمة العربية التي تنهض عندما تنهض مصر.
وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، لا زالت الأمة العربية ومصر والقضية الفلسطينية تدفع ثمن نكسة حزيران ووفاة الزعيم جمال عبد الناصر.
المجد والخلود لروح الزعيم جمال عبد الناصر.

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...