مقال للرئيس علي ناصر محمد.. 182 عاماً على احتلال بريطانيا لعدن

في 19 يناير من عام 1839م احتل الكابتن البريطاني ستافورد بيتزورث هنس مدينة عدن بحجة واهية أن السكان في عدن نهبوا سفينة (داريا دولت) البريطانية التابعة لشركة الهند الشرقية، وقد جرت معركة غير متكافئة بين السكان وبعض القبائل وقوات البحرية البريطانية التي استخدمت كل أنواع الأسلحة الثقيلة ضد المواطنين الصامدين في قلعة وشواطئ صيرة، وقد مُني الطرفان بخسائر في الأرواح والممتلكات إلا أن البريطانيون احتلوا عدن وكان هذا الاحتلال هو الأول في عهد الملكة فكتوريا وقد صُهرت أسلحة المقاومين وصُنع منها تمثال للملكة فكتوريا ونُصب هذا التمثال في حديقة الملكة فكتوريا بالتواهي ليحل محله بعد الاستقلال في عهد الرئيس قحطان الشعبي نصباً تذكارياً للشهداء.
وقبل هذا التاريخ جرت محاولات من بريطانيا لاحتلال عدن بالطرق السلمية، ودون حرب، وبأقصر الطرق وأيسرها وأقلها كلفة – وبخاصة في أرواح البريطانيين - فلجأت إلى الرشوة للحصول على عدن مقابل مبلغ من المال، يُقدم إلى سلطان عدن ولحج آنذاك محسن العبدلي، ولكنها أخفقت بسبب مشاعر العداء الشعبية الواسعة ضد البريطانيين التي دفعت الأمير أحمد ابن السلطان على أن يخاطب المفاوض البريطاني بقوله: "إن كنت تريد أن تمتلك عدن فإن أهل عدن لا يريدونكم" وفي مرة أخرى قال له: "فإذا جئت إلى باب عدن لمقابلة السلطان فتحنا لك الباب وقطعنا رأسك بالسيف".
استمرت المقاومة ضد الاحتلال البريطاني في عدن والمحميات منذ بداية الاحتلال وحتى قيام ثورة 14 أكتوبر1963م وتوّجت بالنصر وتحقيق الاستقلال في نوفمبر1967م بقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتوحيد الجنوب في دولة واحدة قوية ومهابة في المنطقة ليس فيها مكان للثأر والكراهية والطائفية.
وقبل الاحتلال البريطاني وفي القرن السادس عشر جرت محاولات للأسطول البرتغالي للسيطرة على جزيرة سقطرى للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها هذه الجزيرة وتصدى لهذه المحاولة أهالي الجزيرة واستشهد أكثر من مائة وخمسة وعشرون مقاتلاً رفضوا الاستسلام والهدنة مع العدو ولم يبق منهم إلا رجل أعمى بقي مختبئاً في أحد أركان القلعة وعندما أمسكوا به سألوه: لماذا لم تخرج؟ هل أنت أعمى؟
فأجابهم: إنني أعمى! ولكنني أرى شيئاً واحداً وهو الطريق المؤدي الى الحرية.
ويعترف البرتغاليون أنها كانت أسوأ تجربة في حروبهم الخارجية بعد أن قُتِلَ عدد من جنودهم وضباطهم بالسيوف والرماح والحجارة في وقد حولوا مسجد مدينة السوق إلى كنيسة وقلعتها إلى قلعة القديس ميخائيل ولم تصمد قواتهم أمام الحصار والمقاطعة التي فرضها عليهم السكان، والوباء الذي فتك بهم. وهكذا حلت عليهم لعنة سقطرى والشحر كما حلت على الغزاة الفرنسيين والبريطانيين وغيرهم.
وفي الفترة الاخيرة برزت بعض الأصوات والكتابات التي تحن الى الاحتلال البريطاني بسبب الأخطاء التي ارتُكبت وتُرتكب اليوم بل إن البعض يتحدث أن العلاقة مع بريطانيا كانت علاقة شراكة وليست احتلال ولم يكن ذلك صحيحاً لأن هذا تنكر للتاريخ ولدماء الشهداء وللأرض الطاهرة التي سُفكت على ترابها دماء الأبطال فحتى البريطانيون يتحدثون أنهم احتلوا عدن وقتلوا وقُتلوا في المعارك الضارية في عدن وردفان وغيرها من المحميات.

المجد والخلود لروح الشهداء من الاحتلال وحتى الاستقلال.

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...