قد تكون اللحظات الاخيرة في حياتي

أشعر أن ثمة من يترصدني، منذ يومين وأنا فاقد للآمان كلياً، مسكون بالرعب ويتملكني إحساس غريب بالقتل، داخلي  قلق متواصل وذعر يكاد يشل حركتي بالمرة، إنه الخوف من مجهول يوشك أن يرسلني خارج الحياة، هكذا منذ يومين؛ أعيش حياتي برعب كامل، ولأكون معكم صريح أشعر أني أعيش اللحظات الأخيرة من عمري.

لستُ خائفاً بقدر ما كونه قهر وإحساس بالظيم، أنا لم أوذِ أحداً قط طيلة حياتي، ستة وعشرون سنة قضيتها دون أن أتسبب بجرح لأي إنسان، تعيش سنينك بسلام توزع الحب على جميع الناس ثم في مرحلة غادرة يأتي شخص وضيع ليعلن مصادرة حياتك ونفيك خارج الوجود، شخص تافه لا يساوي قيمة حذاءه يغتالك على قارعة الطريق ويرميك كالكلب، إنه الزمن الأكثر غدراً وإهانة على مر التاريخ، زمن الجهل والبربرية، زمن الوضاعة وقد تجسدت كحقيقة صارخة، إنه الزمن الذي تُصادر فيه أرواح الناس بسعر تخزينة قات وبكيس شمة حوت، حيث تعطلت قيم الناس وضاعت أخلاقهم وذهبت نخوة القبيلة بلا رجعة وإلى الأبد.

الحياة هنا لم تعد آمنة؛ هذه مسلمة أعتقد لم يعد أحد يجادل حولها، كلنا متفقون عليها ويحيط بنا الرعب بالقدر المتساوي، فقدنا الطمأنينة منذ زمن طويل وبتنا نرقب أنفاسنا المتبقبة بتوتر، لم نعد نخاف الموت بقدر ما نحن متوترين بسبب من تأخر قاتلينا، عليهم أن ينجزوا المهمة في أسرع وقت ممكن، عليهم أن يسرعوا فلم نعد قادرين على الإنتظار كثيراً، لم تعد الحياة تغرينا، ولم يعدنا أحد هنا بسنين طويلة أو بخلود أبدي، لقد كانت الحياة صريحة معنا أكثر من اللازم، كانت حقيقية وشفافة ورمتنا في فوهة المدفع من اللحظة الأولى، قذفت بنا إلى النار من أول ساعة ولدنا بها، ومنذ أن وعينا أنفسنا ونحن نواجه مصيرنا مكشوفين وبلا سند، لم يمنحنا أحد آمان مطلق ولسنا موعودين قط بسكينة أبدية.

أي جريرة ارتكبها هذا الشاب ليجد نفسه محاصراً برعب ينازعه حياته، ما هي الجريمة التي قارفها حتى صارت حياته رهينة قاتل لم يتخطئ مرحلة الابتدائية..؟ ما هو الذنب الذي حصدناه حتى نواجه مصيراً مظلماً كهذا معشر الشباب؟ حياتنا بسيطة، وأحلامنا بسيطة، وآمالنا بسيطة، فما الذي استثقل القتلة من حياتنا، ما الذي أزعجهم فينا؟.. حقيقةً لا أفهم شيء، هل بات الحلم بوطن هادئ وحياة مستقرة هانئة عيب؟، هل الطموح بعيش كريم إثم؟ 

أكتب هذه المنشور الآن؛ والغصة تكاد تخنقني، أكتبه وأنا أتذكر درويش وهو يهجوا قتلة بلاده، أكتبه ودوي أبياته يعج في مسمعي: منكم السيف ومنا دمنا، منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا، منكم دبابة أخرى ومنا حجر، منكم قنبلة الغاز ومنا المطر، وعلينا ما عليكم من سماء وهواء.. فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا.

لا يهم، حياتنا ليست مكسب، وكل يوم نعيشه خسارة فادحة، فتعالوا إمنحونا رصاصة الانطفاء فنحن نريد الخلاص أيها القتلة، اسدوا لنا النهاية يا أوباش، أريحونا ببنادقكم الصدئة يا برابرة العصر..