ماذا لو أثبت كورونا وجوده بقوة ؟

مضت الموجة الأولى من فيروس كوفيد 19 وقد حصدت مايناهز مليوني حالة وفاة بالإضافة إلى عشرات الملايين من حالات الإصابة تعافت منها نسبة كبيرة إلا أن حصيدة ضحايا الفيروس لم ترتقي إلى المستوى المأمول لمن أخذ كورونا مأخذه من نفوسهم ذعراً وهلعاّ فأصيبوا بالخيبة .

أما الآن فقد أتت موجة ثانية هي أعتى من الأولى وأشد حسب علماء الأحياء الجزيئية، إلا أن عيب هذا الفيروس الذي دفع الكثير إلى عدم الإقتناع بوجوده هو عدم تمكن الموجة الأولى من سحقهم ؛ فنسبة كبيرة منهم كانوا قد اعتبروا موتهم بالوباء أمرا محقق وبالتالي فإن تجاوزهم له بسلامة لايدل حسب ما توصلوا إليه من تفكير  على لطف الله بهم الذي منحهم المناعة والقوة لمواجهته رغم قلقهم منه، بل يدل على كذبته على أساس لن اصدق إنك قوي إلا لو ضربت بي الأرض وكسرت رأسي إلى نصفين وهنا سأعترف بك، مالم فأنت ضعيف وأكذوبة.  وهكذا هي عقليات الكثير تنظر من منظور سفلي سلبي وليس من منظور علوي إيجابي .

الآن كيف تقنع شخصاً أن الموجة الثانية قد تفتك به وهو متمسك بالمقولة العامية  "الكذبة مرة واحدة مش مرتين“ ؟! جاهلاً أو متجاهلاً أن الأولى لم تكن كذبة بل حقيقة رحيمة، أما الثانية لو قدر الله و أثبتت قواها واظهرت عضلاتها المفتولة فلن تترك لهذا المنكِر وقتاً للتفكير فضلاً عن التدبير .

في الموجة الأولى كان البعض ينفي خطر كورونا قطعاً وبكل صرامة وأن الأمور طيبة وبأفضل حال ، طبعاً هذا من حقه وشيء طبيعي ، لكن الذي ليس بطبيعي هو أنه ينفي كورونا على أساس أنه ليس كورونا بل هو وباء آخر فقط لاغير ويسمى بالطاعون الرئوي ،   فقط لاغير "طاعون رئوي“ .  يعني ودود جداً وحبوب ومش مجرم على فكرة كنت أحسبه كلب طلع دم و لكن ما أمامك إلا نمر يا أعمش .
طبعاً من حقه أي شخص يهرب من حقيقة مؤلمة من أجل أن يبرد على قلبه لكن إنك تهرب من الصُعد للمافي للأسف هذا خطر داهم فالمافي بيحرقك أسرع من الصعد والصدمة من الحقيقة الناتجة عن الجهل بها تفعل مالاتفعله الحقيقة ذاتها لو تم الإعتراف بها مسبقاً .

و إلى صلب الموضوع فكورونا ياجماعة الخير فيروس تنفسي من ضمن أشقائه من الأوبئة التنفسية كالزكام والانفلونزا  -حسب قول علماء الأحياء الجزيئية- لا تتعاملوا معه على أساس إنه ضبع ضاري حتى لايوقع لكم أسد فتاك بل تعاملوا معه على أساس كونه حيوان أليف ولنتخيله "جمل“ إن قَدَّرته وأعطيته قيمته كانت الأمور طيبة وإن طنشته واستخقرت قيمته واستفزيته - وبعض التجاهل استفزاز صارخ - لقيت منه مالايرضيك ، ولنأخذ العبرة ممن لقوا حتفهم به  ، فقليل من جهود الإحترازات تدفع عنك كثيراً من بلاوي الإهمال.

قد تكون شخصاً قوياً و تمتلك مناعة وصحة جيدة، لكن هناك من ليس عندهم مناعة من ذوي الأمراض التنفسية، إضافة إلى مرضى السكري والضغط؛ لذلك حبك لهم وتوقيرك إياهم يكون بالابتعاد عنهم قدر اللازم بطريقة ذكية لاتزرع الخوف في قلوبهم ، وهكذا بإمكانك أن لا تجعل من الفيروس يستغل نقطة قوتك للانقضاض على نقطة ضعف غيرك وأنت لاتعلم .

نتطرق إلى موضوع كورونا والفلوس ، طبعاً وبكل منطقية لايستبعد أن يكون هناك استثمارات سياسية واقتصادية دولية ومنظماتية من خلال الفيروس ، لكن هذا ليس دليل على أنه كذبة بل على العكس حقيقة مؤكدة، ولكن المؤلم أننا في عالم تُفضَّل فيه الماديات على الأرواح وتقدم الممتلكات على القيم ، هذا لابد من أن نقتنع به، فإذا كانت دول كبيرة و شركات ضخمة تعتمد على السياحة والحركة التجارية الدولية قد أوقفت أنشطتها فاعلم أن الأمر جد .

بخصوص القول إن الفيروس أتى لهدم الشعائر الإسلامية ، نقول لهم: ماهي الشعائر التي تقصدوها ؟!  لو كان هناك نظرة حقيقية لقيمة المشاعر لما وصلت أمتنا إلى ماهي عليه الآن ،وكل ذلك ببركة أبنائها الذين يتواجدون في الأسواق أكثر من المساجد ، ويتوافدون إلى المنتزهات أكثر من توافدهم إلى الجامعات ، ولايجتمع في صلاة الفجر التي تعطي الصورة الواضحة سوى حفنة لاتُقارَن بالذين يتجمعون في يوم الجمعة في مشعرٍ أضحى في مخيلتهم عادة أكثر منها عبادة .
بالإضافة إلى أن الفيروس لايمنعك من الصلاة ولا من الصوم والتسبيح وذكر الله ، بل هناك إجراءات بسيطة لو كان هناك وعي و تقبل للالتزام بها  لتمت كل الفرائض الفردية والجماعية بكل أريحية وسعادة .

نأتي إلى من يقولون لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ثم يتبعون الآية بقولهم عن الوباء "هذه كل كذب" ، ويردفون "نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره نحن مع الله حافظنا وحامينا“،  نقول له أكيد مئة بالمئة لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وكلنا نؤمن بالقضاء والقدر لكن الأصح هو أن يكون هذا هو مايدفعك  -أيها المؤمن - إلى الإعتراف بالفيروسات والأمراض والأوبئة باعتبارها من قضاء الله وقدره فنحن في الدنيا كل شيء متوقع من طيبات وكوراث ولسنا في جنة النعيم ، إذن كيف نهرب من قضاء الله وقدره ؟! والجواب-دون شك- هو إلى قضاء الله وقدره فلا مفر من الله إلا إليه ، وكما قال عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما نفر من قدر الله إلى قدر الله . فالملاريا من قدر الله والحقنة الخاصة بها من قدر الله أيضاً .

لذلك معظم من يكذِّب الوباء هو بالحقيقة خائفٌ منه ،و لا يخاف منه إلا من يعطيه أكثر من قدره، والمصيبة لاتكمن في الفيروس بل في الخوف المصطنع  . وعلى كل حال فالإنكار لم يكن يوماً حل ، والهروب من الحقائق لاينفيها، والمواجهة بعقلية متكمنة ونفسية متوازنة هو السبيل الوحيد إلى العبور .

مقالات الكاتب

منهج الرجال في الحياة

في ذكرى ميلادي الـ24. 2021/7/15مـ. لكلّ شخصٍ منهجُه في الحياة، لكنَّ هذا المنهج ليس خاصاً به وحد...

هل ستصوم الخدمات معنا ؟!

اقترب رمضان واقتربت معه الأجواء التي تسبقه كالعادة أجواء خاصة مرتبطة به ودالة عليه ، لكن ماهو مفزع أ...