أدوات صراع بشرعية مُزيفة !

(كريتر سكاي):خاص

لم يكن تصريح المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، ليندركينغ ، يوم أمس ، "أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بالحوثيين طرفاً شرعياً في اليمن " ، لم يكن إلا تصريحاً شابه خطأ في تركيبه السياقي بشكل يؤكد ضعف الاحترافية الدبلوماسية لدى قائله ، لاسيما عندما يتعلق الحديث حول مواضيع سياسية حساسة كهذه . 

قد تحدث مثل  هذه الأخطاء في بعض الأحيان ، ولكن الشيء الذي يدعو للدهشة والاستغراب أن هناك من الأطراف المتصارعة في اليمن ممّن تناولت هذا التصريح من زوايا مختلفة .

طرف صراع رأى أن تصريحاً كهذا يعد مكسباً سياسياً له ، لأنه يعتقد أنه أثبت وجوده على الأرض ، وطرف أخر رأى أن هذا التصريح يعد انتقاصاً من مكانته المُعترَف بها دولياً .

المنطق يقول : إن جميع الأطراف في اليمن هي أطراف صراع ، تُديريها أيادي خارجية تسعى لتحقيق معادلة التوازن لمصالحها السياسية المتناقضة ، على ملعب جغرافيا اليمن .

إن الشرعية السياسية التي يريد أحد اطراف الصراع إضافتها لنفسه لمجرد تصريح مغلوط ، ماهو أساس هذه الشرعية ؟؟ لكون الشرعية السياسية تُكتسب أساساً من خلال عملية سياسية ومشروع سياسي ومشاركة سياسية .

كما إن الشرعية السياسية التي استنكر طرف أخر انتقاصها من مشروعيته ، لمجرد تصريح ركيك السياق ، أي شرعية سياسية هذه التي يُغار عليها ويريد أن يحتفظ بها ؟؟ بعد أن مزقها بنفسه وسلخها سلخاً عن جسمه ، وذلك حين قبِل أن يصبح بلا شرعية سياسية ، وتحول إلى طرف ثانوي أقل حضوراً أمام باقي الأطراف الموجودة بقوة على الأرض ؟؟


لعلّنا لا ندرك أن الشرعية الوطنية هي الأبرز والأهم من أي شرعية سياسية تفصّلها وتمنحها لنا هذه الدولة العظمى أو تلك ، أو هذا الزعيم أو ذاك .

 الشرعية الوطنية التي تُمنحك الحق من كونك جزء من هذا الوطن وجزء من هذا الشعب ، مهما كان حضورك أو قوتك ، ومهما كان حزبك أو مذهبك أو ديانتك أو لونك .

الشرعية الوطنية التي لا ينبثق منها إلا مشروعاً وطنياً يحتضن الجميع ، ويكفل حقوقهم ، ويجعلهم في درجة سواء في الحقوق والواجبات .

كان مقدر  لهذا الصراع المستمر اليوم أن لا يحدث ، لو أدركنا أن الظروف قد ساعدتنا جميعاً في بزوغ مشروع وطني ، سيكون بمقدوره خلق مرحلة وطنية جديدة طالما كانت حُلم الجميع .

 إنه ذلك المشروع  الذي لم يستثن الحوثيين حينما كانوا لايزالون قلة محصورين في جغرافيا محافظة واحدة ، ولم يتجاهل التهاميين بعد أن كانوا في طي النسيان السياسي والوطني ، ولم يكفر بحق الجنوبيين في تحقيق المعادلة الجغرافية والسكانية ، وحتى حق تقرير المصير ، المشروع الوطني الذي لم يقص النظام العائلي من أي مرحلة قادمة ولم يحظر حزبه الحاكم  لأي سبب من الأسباب .

جميع الأطراف في اليمن وفي مقدمتها الحوثيين بحاجة ضرورية إلى العودة إلى مربع المشىروع الوطني الذي أُريد تغييبه  ، لأنه وحده كفيل بإنهاء الحرب ، دون ذلك سنظل نتقاتل تحت يافطات هزّلية وتوصيفات خرافية " دواعش ومرتزقة ورافضية ومجوس وانفصاليين " ، حتى يُفني بعضنا بعضاً .

ربما يتحقق ذلك ، ولكن في الوقت الذي تدرك فيه جميع الأطراف في اليمن  أنها أصبحت فعلاً اليوم أدوات صراع لا أقل ولا أكثر ، لا تمتلك حتى شرعية قرار إدارة هذا الصراع .
...........................................

مقالات الكاتب

( الحرب والنهاية 1 )

بعد 6 سنوات من عمر الحرب الأهلية المستمرة في اليمن ، كيف يمكن أن نضع تصور لنهاية هذه الحرب العبثية ؟...

أحمد علي يتوسل !

منذ إندلاع الحرب المستمرة التي اجتاحت وسط اليمن وجنوبه مطلع 2015م ،  قادمة من الشمال  ، تح...