الرئيس علي ناصر محمد :رحيل الرفيق والصديق أبو بكر باذيب..

أضحى الحزن، وتصبح وفاة الأحبة والأصدقاء عادة يومية، فلا يمرّ يوم إلا ونفجع بموت عزيز، أو صديق، أو رفيق... وكأن هذا الحزن المقيم لا يفارقنا ولا يعطينا فسحة للتأمل أو البكاء في زمن الحرب والموت المتنقل.
ها هو صديق آخر ينتقل الى رحاب الآخرة، هو الصديق العزيز المناضل الصلب أبو بكر عبد الرزاق باذيب الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني.
ينتمي أبو بكر باذيب إلى أسرة من المناضلين، المثقفين والتقدميين الذين كان لهم دور كبير في نشر وتعميق الثقافة التقدمية في عدن واليمن. وخاضوا بالقلم والفكر معارك الحرية والاستقلال، وفي مقدمتهم شقيقه عبد الله باذيب، وشقيقه علي باذيب رحمهم الله جميعاً.
تعود جذورهم الى الشحر في حضرموت الأصالة والتاريخ والحضارة، وتشرّبوا قيم المدنية والثقافة والفكر في عدن التي كانت تموج بكل التيارات الفكرية والسياسية، القومية والليبرالية، والاشتراكية.  ومنها خاضوا نضالهم مع شعبهم من أجل الحرية والاستقلال ومقارعة الاستعمار والاحتلال... ومن أجل الوحدة اليمنية منذ وقت مبكر في أطروحات عبد الله باذيب من أجل يمنٍ ديمقراطي موحد، و مقولته أن تحرير الجنوب من الاستعمار لا يمكن ان يتحقق قبل القضاء على نظام الإمامة في صنعاء، وهو ما أثبتته الأحداث والتطورات فيما بعد.
على نهج وفكر المؤسس سار أبو بكر باذيب سواء في اتحاد الشعب الديمقراطي، أو في التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية بعد توحيد فصائل العمل الوطني في تنظيم واحد، كان حزب الطليعة الشعبية بقيادة المناضل أنيس حسن يحيى أطال الله في عمره ضلعه الثالث، وفيما بعد في الحزب الاشتراكي اليمني الذي أصبح عضو مكتبه السياسي في الثمانينات من القرن الماضي ومدير دائرته التنظيمية.. وأخيراً الأمين العام المساعد للحزب. وفي كل المراحل كان ذلك المناضل الصلب الذي لا يتنازل عن مواقفه، وذلك المثقف الذي يقارع الحجة بالحجة.
كما أن للمناضل أبو بكر باذيب مسيرته التربوية ودوره في تخريج أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة فقد كان مربياً قديراً لثانوية الجلاء في خور مكسر، وثاني عميدٍ لكلية التربية العليا في بدايات تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي.
أبو بكر باذيب سيرة حياة مشرفة لمثقف ومناضل جسور..  سأفتقده كصديق ورفيق نضال جمعتنا سنوات طويلة في بناء الدولة في اليمن الديمقراطية، وسنوات منفى طويل، فقد استقر في صنعاء ولم يغادرها الى الخارج في سنوات الحرب ولم يتخلى عن الحزب حتى وفاته رحمه الله..
ستفتقده عدن وشعبها الطيب الذي يعاني من الحرب وتبعاتها ومآسيها ويحارب في لقمة عيشه.. سيبكيه أهله وتلاميذه ورفاقه، ستفتقده حضرموت واليمن كلها..
الرحمة للفقيد، ولآل باذيب جميعاً خالص العزاء..

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...