( الحرب والنهاية 1 )

بعد 6 سنوات من عمر الحرب الأهلية المستمرة في اليمن ، كيف يمكن أن نضع تصور لنهاية هذه الحرب العبثية ؟؟

في كل مرة أحاول أن أرسم نهاية لها ، تكون النهاية بالنسبة لي هي استمرار الحرب ، وربما أكون مخطئاً في تقديري ، وأتمنى أن أكون كذلك .

ولكن ما يجعلني أبدو على هذا النحو ، هو لأنني أخوض في رسم هذه النهاية من منطلقين اثنين .

الأول : إذا كان التحالف العربي الذي أصبح محصوراً في دولتي - السعودية والإمارات - ليس لديه فعلاً الرغبة في دعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي ، سواءً في الوقت الحالي أو في الأشهر والسنوات القادمة ، وجعلها حكومة شرعية متماسكة وفعالة وقوية ، لها تواجد على الأرض ، توفر الخدمات وتصنع الفارق الخدماتي والمعيشي في مناطق سيطرتها ، فهذا يعني أن الحكومة الشرعية سيظل وضعها كما هي عليه اليوم ، شرعية مهترئة وممزقة ويليق عليها وصف" حكومة الفنادق ، أو حكومة المرتزقة " ، وسيكون وضع الشرعية في السنوات القادمة اسوأ بكثير مما هي عليه اليوم ، لأن الضعف يقود إلى الضعف ، في المقابل سيكون الحوثيون هم الأقوى ، والأقوى أكثر مستقبلاً ، وهذه معادلة منطقية ( كل ما زادت الشرعية ضعفاً وتفككاً ، كل ما زاد الحوثيون قوةً وتماسكاً ) .

زد على ذلك أن استمرار ضعف الحكومة الشرعية ، يعني تفككها وتشظيها يوماً بعد أخر ، مما يعني ظهور عدة قوى سياسية وعسكرية من رحمها ، لها مشاريع وتوجهات خاصة ، وهنا سيتحول الصراع بشكل أكبر إلى صراع شرعي - شرعي ، بمعنى صراع داخل المكونات التي يفترض أن تكون صفاً واحداً في مواجهة الحوثيين .

هذا الصراع سيتطلب تدخلات إقليمية تحت مسمى رأب الصدع الشرعي ، تأخذ تلك التدخلات اتفاقيات مشابهة لاتفاق الرياض ، وربما يكون هناك مستقبلاً اتفاق الكويت ، أو اتفاق مسقط ،أو اتفاق القاهرة ، وكل ذلك بين مكونات القوى التي كانت يوماً تمثل هيكل الشرعية الدستورية ، وهذا سيجعل الحوثيين بلا شك في موقع الأفضلية ، مقارنة بالحال الذي وصلت إليه الحكومة الشرعية بمكوناتها المختلفة .

الثاني : وصول الحكومة الشرعية إلى الانغماس كلياً في مستنقع الانحطاط والاضمحلال ، سيخلق من الحوثي مارداً لن يقبل إلا بابتلاع الجميع ، ولن يجنح لأي اتفاق سياسي أو عملية سلام تفضي إلى إنهاء الحرب ، وسيغريهم ذلك - أي الحوثيين- تمسكهم بقوة بهدف مواصلة القتال تحت شعار ما يسمونه ( تحرير كل شبر في الأراضي اليمنية ).

وهنا سيبدأ الحوثيين التمدد شيء فشيء نحو المناطق المحررة ، ولن يجدوا أمامهم سوى شرعية ومكونات قد ازدادت تفككاً وضعفاً عما هي عليه اليوم ، ولا يُستبعد أن يُسهم ذلك في أن يصبح الحوثيون في يوم من الأيام وقد اجتاحوا كل أرجاء اليمن ، عندها لن تكون نهاية الحرب ، ويخطئ الحوثيون إذا يعتقدون أن سيطرتهم على كامل اليمن ، هي نهاية الحرب ، وبدء عهدهم – الحكم بأمر السماء - .

للكلام بقية .

مقالات الكاتب

أحمد علي يتوسل !

منذ إندلاع الحرب المستمرة التي اجتاحت وسط اليمن وجنوبه مطلع 2015م ،  قادمة من الشمال  ، تح...