وداعا عدن .. يا عاصمة الروح والوطن

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين اما بعد :
فما من تجربة أمر بها إلا وتمخضت عن مقالة غالبا خاصة حين اجد 
في ذلك منفعة او متعة للقارئ 
فضلا عن فضل الكتابة على صاحبها 
فبها يتخفف من اعباء الحياة وضغوطها وواجب الكلمة نفسها تجاه الناس .
اؤكد في مطلع هذا المقال أنني لا احب الغربة ولا الاغتراب ولا كثرة الأسفار ، فأنا شديد الارتباط عيشا   بهذه المدينة التي رضيت بنا ورضينا بها فصارت هي المدينة الام ، فرغم قسوة الظروف فإن الوطن ليس فندقاً يغيره المرء  متى شاء .
اني أجد الكثيرين من ابناء الوطن يتمنون اي فرصة للخروج منه  والعيش خارجهُ مؤقتا او دائما بحكم ظروف الحرب وما سبقها وما لحقها وما انطوت عليه من ويلات وانهيار خدمات وغير ذلك فالناس تختلف قدرتهم عن التحمل والصبر  مثلما تختلف ظروفهم كذلك  ، وقد قيل:( من شاف مايكره يفارق من يحب)  وعلى اي حال فالغربة ليس عيبا فقد سمح الله تعالى بأن يضطرب  الناس في ارضه الواسعة ولعل من الجفاء والقسوة وضعف المروءة هو فقدان الحنين إلى الأوطان وانقطاع ذلك الحبل السري بين المغترب ووطنه .
وقد ذكر الشاعر ابن الرومي 
العلة التي يحب الوطن لأجلها،  فقال :
ولي  وطن آليت  ألا  ابيعه 
والا أرى غيري له الدهر  مالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه 
لها جسد ، لولاه غودرت هالكا
وحبب أوطان الرجال إليهمُ
مآرب قضاها الشباب هنالكا 
اذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهم ُ
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا

قدر الله وماشاء فعل ان اغادر  مدينتي هذه عاصمة المحبة والوفاء إلى مصر صباح غد  الجمعة الموافق
21 بناير 2022م ، 
وذلك في رحلة علاجية ارجو أن تكون قصيرة ،  فقد كشفت الاجراءات الطبية التي اجريتها مؤخرا عن أن ثمة مشكلة في عضلة القلب في أداء وظيفتها ولست ملما بالتفاصيل ، فقد المت بي قبل ان الم بها علما .
المهم انا متفائل ومتوكل على الله
فلا أجد في نفسي خوفا ولا قلقا . وداعاً مؤقتا أسوقه إلى الأحبة زملاء وطلابا ورفاق درب وأصدقاء وقراء وسائر ابناء شعبنا في الجنوب الذين كنا معهم وكانوا معنا ولن يفرق بيننا وبينهم إلا الموت .
أرجو من الله أن يكون هذا خيرا وتكون بداية مرحلة جديدة من العمل والنشاط والرفق وعدم إجهاد النفس فلكل مرحلة من مراحل العمر مميزاتها وخصائصها والناس عادة ينزلون  إلى هذا الحد أو ذاك عند شروط هذه المرحلة او تلك من مراحل اعمارهم. 
 كان العقاد رحمه الله يقول : لقد كنت شيخا في شبابي فصرت شابا في شيخوختي !  وكان قد كتب ( من وحي الخمسين )  و( من وحي الستين )  ولو انه عاش إلى السبعين لكتب (من وحي السبعين)  رحمه الله تعالى والشاهد من تجربة العقاد وفلسفته  أن لكل مرحلة من مراحل العمر  خصوصيتها  ايجابا وسلبا ولكل طيب ومذاق . 
انا محظوظ بحمد الله في هذه السفرة فإلى جانبي ثلاثة من أفراد الأسرة ورابعهم ابني الطبيب  ينتظر وصولنا في القاهرة هو د محمد عبده يحيى الدباني وفقه الله تعالى،  والله تعالى معنا خليفة في الأهل وصاحبا في السفر. 
في هذه الكلمة اطلب السماح من كل الذين تعاملنا معهم  طلاباً وزملاء ورفاق درب وزملاء ادب وثقافة  وغيرهم وحتى من الذين اختلفنا معهم سياسيا واكاديميا ونقابيا 
فشقوا بنا وشقونا بهم فهم في الأول والأخير إخوة وزملاء يجمع بيننا وبينهم ثوابت إسلام ومصير وطن ورسالة علم مقدسة وغير ذلك. 
يحذوني الأمل على هامش هذه الزيارة العلاجية أن ازور أدباء الجنوب المقيمين في القاهرة خاصة  نتفقدهم  باسم الأمانة العامة لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب وشخصيات أخرى نرى حقاً علينا زيارتها بالتنسيق 
مع رئيس الاتحاد د جنيد محمد الجنيد الحريص دائما على تفقد ادبائنا حيث كانوا .
طابت اوقاتكم بكل خير 
وجمعتكم مباركة 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات الكاتب