للخائفين مطرقة القضاء

من يتدخلون بشؤون السلطة القضائية هم من ينتهجون مبدأ عرقلة سير القضاء !
قبل أمس السبت ، تابعنا إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء ، في خطوة شجاعة وصفها مراقبون بأنها جاءت متأخرة، ولها الكثير من التداعيات المتعلقة بملف المحاكمات والمحاسبات خاصة ما يتعلق بتهم الإرهاب والفساد معتبراً إن المجلس يخدم أطرافًا معينة بعيداً عن الصالح العام للبلاد .
*إعطني قضاء أعطيك دولة * هو مبدأ آزلي إقليمي و دولي ، لكنه ليس مبدأ يمني .
كل من يسعى لإضعاف أو تقوية القضاء و النيابة إنما بإعتقادي هو يعاني من فوبيا المسآله و من صوت مطرقة القاضي .
ما الذي تخشى منه رئاستي الجمهورية و الوزراء نحو المضي قُدَماً في إصلاح أوضاع القضاء بدءً من مجلسه الأعلى و منصب النائب العام ؟
الأسماء كُثر من خيرة القُضاة الجهابذة المستقلين تنظيمياً في سلك القضاء و النيابة …. شخصيات تتمتع بسمعة طيبة و لا يخشون في إقامة العدل لومة لائم و وجودهم هو وجود لهيبة الدولة .
لم نسمع صوت لأعضاء الحكومة ولم نلمس موقف مسجل تجاه الوضع الراهن للقضاء و لمنصب النائب العام !!
نقول هنا ، من باب التذكير.. أن مفهوم نفسي نفسي إنما ينفع يوم الحساب عند الوقوف أمام ملك الملوك و ليس في الحياة الدنيا ، فالصمت عن قول الحق قد يبقيك في منصبك و يحافظ على مصالحك الشخصية ،  ولكن لفترة وجيزة تكون بعدها قد تحملت ذنوب عديدة تجاه الوطن و المواطن و قسم اليمين الذي أديته فالتاريخ لا يرحم .

أيّها السادة الكرام ، إن القضاء مسؤولية عظيمة تنفيذاً لأمر المولى عز وجل :
*(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)* …
وقول نبينا صلى الله عليه وسلم:
*«مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» *

المجاملة والاستثناء و الولاءات الحزبية و المناطقية ،قد عانينا و ما زلنا نعاني من تبعاتها الكارثية عند إختيار وتعيين غالبية الوزراء و رئيسهم و نوابهم و السفراء بقرارت تقليدية تم توارثها على إعتبار انها ذات طابع سياسي (محاصصة) وهو طابع تقليدي مُقيت .
أما مجلس القضاء الأعلى و أعضائه و منصب النائب العام للجمهورية ، فالمجاملات والاستثناءات و الولاءات و محاولات تسييسه ، إنما هي تجاوزاً سافراً لقانون السلطة القضائية و وجه من أوجه الفساد الأكبر الذي لا ينتهي الا بكارثة ما بعدها كارثة و هي ما نعيشه في واقعنا اليوم … الواقع المر الذي نجد فيه أصوات ليس فقط تعلو فوق صوت القانون و إنما تدوس على القانون .
نحن نكتب ثم نشارك و ننبه من دافع وطني بحت ، و نقولها بصدق معلنين موقفنا ضد أي محاولات لإضعاف سلطة القضاء و النيابة كونها تعني لنا هيبة الدولة .
كل ما نتمناه أن من لا يحترم القانون  وجبت عليه المساله القانونية التي لا مفر منها  وهذا أمر يهم الجميع، *فالقانون يجب أن يكون كالموت .. لا يستثني أحدً * .
سلسلة طويلة من قضايا القتل ،التقطع والاختطاف والفساد الممارس جهاراً نهارا بعمليات النهب و السطو على الاراضي العامة و الخاصة و الجبايات المالية خارج القانون و التلاعب باسعار النفط و الغاز و المواد الغذائية و المضاربة بالعملة ثم إقلاق السكينة العامة بالأحداث الماضية والاشتباكات المسلحة الدامية في مديرتي الشيخ عثمان و كريتر وهاهي  تتكرر بمديرية خورمكسر يوم أمس الأحد ٦ فبراير ٢٠٢٢ م ،ضف الى ذلك ما حصل من حصار عسكري  لمحكمة البريقة و رئيسها ..كل هذا بسبب غياب سيادة وقوة القانون المتمثلة بالنيابة و القضاء .
الغريب و المثير للتساؤل و الجدل ، انه وفي خضم كل هذه الأحداث لم نسمع عن صدور بيان رسمي لا من الحكومة ولا من الحاكم الميداني للإنتقالي !
بل ولم نسمع عن نتائج لاي تحقيقات تمت و محاسبة لأي طرف مُدان .

رشدي الكوشاب 
7 فبراير 2022 م.

مقالات الكاتب