عام على رحيل المفكر الجليل خير الدين حسيب

في الذكرى السنوية الاولى لرحيل القائد والمفكر العربي القومي الكبير الدكتور خير الدين حسيب، نستشعر كم هو صعب ومؤلم غياب رجل مثله في الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها وطننا العربي، وكم نحتاج إلى وجوده بيننا في هذه الظروف.
فقدت الامة برحيله لا رجل إقتصاد وباحث فحسب، بل أحد أبرز المفكرين القوميين العرب طوال أكثر من خمسين عاماً، كان خلالها مهموماً بقضايا الامة ومصيرها واولها قضية فلسطين.
عام مر على الرحيل، ولم يتغير شيء بكل أسف في حال ووضع الامة والوطن العربي، بل هي تسير من سيء الى أسوأ فطوال سبعين عاماً ووطننا العربي يتعرض لحرب ممنهجة من أعداء الامة تستهدف وجودها وثقافتها ومقدراتها الاقتصادية والبشرية، وهي حرب لم تهدأ اوتتوقف بل تشتد كما نرى.
الحرب في اليمن ستدخل بعد اسبوعين للأسف عامها الثامن، مخلفة أكثر من 350 الف قتيل من ابناء شعبنا وملايين المشردين داخل وخارج البلد، ومأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل، وفوق هذا وذاك انهياراً للدولة وتمزيقاً لنسيج المجتمع، فصار في اليمن أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من جيش، ومربعات تحكمها جماعات مسلحة ولاؤها ليس للوطن بل للخارج.
والوضع في سورية بدأ يتعافى بعد سنوات من الصراعات التي ألحقت أضراراً جسيمة مادية وبشرية بالبلد وشردت الملايين.
ولازال العراق بعد الغزو الامريكي لهذا البلد العربي في حال مخاض عسير، بعد سنوات من حروب طاثفية واحتراب داخلي.
وليبيا هي الاخرى تعيش صراعاً اهلياً وإقليمياً ودولياً وتجري محاولات يائسة لتمزيقها الى أكثر من دولة، وليس حال الصومال بأفضل فقد جرى تقسيمها الى أكثر من دولة والسودان الى دولتين.. 
وفي المغرب العربي لاتزال الحرب الاهلية الدامية التي شهدتها الجزائر التي دامت سنوات تلقي بظلالها على أوضاع بلد وشعب المليون شهيد، وقضية الصحراء على العلاقات الجزائرية المغربية.
اما فلسطين التي تعاني من الاحتلال الإسرائيلي لها والحروب منذ سبعين عاماً فلاتزال قضية القضايا كلما اقتربنا منها تنأى عنا وتبعد بسبب محاولة إشغال الامة عنها في الصراعات الداخلية الجانبية والحروب الاهلية والطائفية، مما يستدعي من الفصائل الوطنية الفلسطينية العمل على وحدتها لمواجهة الخطر الذي يهدد القضية الفلسطينية .
ولبنان الشقيق، وشعبه الأبي مازال ساحة للصراع الاقليمي والدولي، ويدفع ثمن موقعه وموقفه من القضية الفلسيطينية والصراع العربي الإسرائيلي وقضايا الامة العربية.
وبسبب الموقف من القضية الفلسطينية خاضت مصر اربعة حروب من أجل فلسطين والامة العربية في اعوام 48 و 56 و 67 و73 من القرن الماضي، فأعداء الامة لايريدون لها ان تنهض فإذا نهضت مصر نهضت الامة العربية من المحيط الى الخليج.
ونحن في هذه المنطقة دفعنا ومانزال ندفع الثمن بسبب الموقع والموقف من القضية الفلسطينية العادلة..
من الصعب إختزال تاريخ الرجل في حيز كهذا، لكن يمكن القول بكل تأكيد ان خير الدين حسيب وهب القومية العربية عمره واعتبرها قضية حياته. وكرس لها كل جهده وفكره وعمله إلى آخر لحظة، لايزعزعه عن ايمانه هذا قسوة الظروف. وصعوبات الحياة، وماتعرض له الوطن العربي ولايزال من مؤامرات الاعداء ، ومن احتراب فصائله بكل اسف ..بل ظل يزداد إيمانا على إيمان، بان لامخرج من حالة التمزق والفرقة والاحتراب الداخلي  إلا بمزيد من استدعاء عوامل الوحدة العربية ، فلا يمكن ان تخرج الامة من حالة الإنكسار الذي تعيشه في ظروفها الراهنة إلا بالعمل لتحقيق حلمها وحلم الاجيال في امة عربية موحدة ووطن عربي حر ومستقل يتمتع فيه المواطن بالحرية والكرامة.
تعرفت الى الفقيد الكبير في عدن وبيروت وبغداد ودمشق وخلال العديد من المؤتمرات المكرسة لقضايا الامة العربية.
رحل المفكر القومي خير الدين حسيب عن عالمنا في عام 2021م والأمة العربية تمر بعاصفة من الكوارث الاقتصادية والحروب وجائحة كورونا، رحل القائد القومي والأمة العربية تعيش أسوأ المراحل في تاريخها في ظل إنقسامات وصراعات وحروب أثرت على القضية الفلسطينية، التي كان المرحوم يناضل في سبيلها، ولكنني واثقٌ أن هذه الأمة ستنهض من كبوتها وستستعيد مجدها وعزتها وكرامتها مهما اشتدت عليها الصعوبات وتملك من التاريخ وعوامل القوة والطاقة مايمكنها من الانتصار في النهاية.

مقالات الكاتب

175 يوماً من الصمود البطولي

سندخل رفح، بهاتين الكلمتين يصف بنيامين نتنياهو عمليته البربرية العسكرية القادمة ضد مليون ونصف المليو...