اغتيال الصحفيين بالمفخخات هو تقارب مساوي لعملية التجويع للشعب وموتهم سريريا

ماحز في نفسي ان ارى حال الصحفيين والموظفين وعامة الشعب - وانا واحدا منهم-، يلهتون وراء لقمة عيشهم هذه الأيام وسد افواه أطفالهم بقدر مايستطيعون، مادام عاد هناك نبض ودم يجري في عروقهم لمواصلة الحياة واهوالها. 
بالأمس وانا ادلف لاستلام مرتبي الزهيد عبر كاك بنك الذي لايتساوى مع الغلاء الفاحش وأمور تسيير الحياة كان أحد زملائي في العمل الصحفي والإعلامي قد سبقني باستلام مرتبه وهو ينظر للكاشيرة وهي تقضم من ربطة الفلوس مبلغ وتعطيه الباقي بعد توقيعه على سند الاستلام.. كنت أتوقع اني الوحيد بحكم اني مازلت موظفا ولم اخرج للتقاعد بأن راتبي أقل بكثير عن زميلي الذي أحال للتقاعد من سنوات لكني وبنفس القدر وخدمتي الطويلة في الحقل الصحفي وكذا خدمته أيضا كنت افكر بأنه راتبه أعلى بكثير من راتبي بحكم منصبه الذي كان يعمل فيه في مؤسستي العريقة أن يستلم مبلغا معقول خاصة وأنه من الكوادر المشهودة لها بالبنان، بل تفاجأت بحصوله على فتات من الوريقات البنكية التي ربما لاتكفي لشراء مستلزمات أسرته لأسبوع. 
هذه المقدمة كنت متظرا أن اسردها للواقع الحالي وما يحصل لعامة موظفي الدولة والمتقاعدين وغيرهم عن العيش وسبل الاستطاعة ولو بقدر من الحياة الكريمة لنا وهؤلاء في تخطي ماتبقى من عمر ولو بقدر الممكن في مجابهة ارتفاع الأسعار للمواد الغدائية والملابس وهبوط العملة المحلية وتكالب التجار في نهش وابتزاز عامة الناس وسرقة مرتباتهم الزهيدة كل يوم يمر دون تحرك الدولة في لجمهم ليستطيع الموظفون من البقاء على قيد الحياة هم وأسرهم. 
بالأمس وأيام ليست بالبعيدة تم استهداف عدد من الصحفيين وكذا الناشطين بعبوات ناسفة وبالرصاص وكذا توغل مستوى القتل في الاسواق وطرق المسافرين من مسلحين وعصابات قطاع طرق نلقى إدانات وتحقيقات تقوم بها قيادة المجلس الرئاسي وتوجه الأجهزة الأمنية بتعقب الجناة وتنشط الحكومة أيضا بهذه الأفعال وتقديم التعازي لأسر المغدورين وتنتهي القصة باسكات الرأي العام والمنظمات المحلية والدولية لتبرير القيام بواجبها الملقاة عليها في قيادة دفة البلاد بينما تمارس هي كل صنوف الاذلال وبدون رحمة في ترك الحبل على الغارب لمدراء المديريات في تحصيل الجبايات للضرائب والرسوم والواجبات الزكوية على التجار والمحلات لتعكس بذلك على الموظفين والمواطن والسكوت على ارتفاع الأسعار وتدني الخدمات في عدن وغيرها من المحافظات وكان الأمر لايعنيها! 
يظل القتل المباشر أو الغير مباشر للصحفيين والناشطين وكذا الموظفين هو أسلوب يمارسه القتلة اكانوا متخفيين أو معلوميين وبالطبع هو نفسه مايمارس اليوم في القتل البطئ اليومي لملايين الشعب في عدم تحسن المرتبات وغلاء المعيشة وتدهور الأوضاع لعامة الناس دون تحرك الدولة من انقاد العامة قبل فوات الأوان وإنما همها في الاستئثار بالمصالح والامتيازات لمسؤوليها ولها فقط للعيش برغد الحياة دون الحاجة لتحسين مستوى الحياة وانتشال الفقر والعوز الذي وصل بارتفاعهما لمدى لايطاق لعامة الشعب. 
إذا لايوجد فرق بين القتلة المأجورين وبين من يمارسون شتئ صنوف القتل البطئ بأيديهم في التجويع وإهانة الموظفين من اذلالهم وتركيعهم علاوة عن قطع مرتباتهم وترك لصوص التجار في سرقة أموالهم وهم يعلمون ويتفرجون ويسمعون أنين شعوبهم!

مقالات الكاتب