برزخ المدينة الضائعة

من أي أبوابها دخلت لا سلاماً عليك، فأنت في مدينة نائمة خارج التاريخ يتمت أبناءها وباعتهم للشياطين، ،مدينة جعلتها الجغرافيا والسياسة والتاريخ والإنسان أشبه ما يكون بسجن يقتل الأمل ويلتهمه بشراهة كل يوم ودقيقة وثانية على شاكلة أفول غريب، 
مدينة كم سأكون فخورةً أن أستطعت أن أغرس في مكان ما من أزقتها وشعابها وردة أمل قبل أن أرحل عنها،مدينة الموت أقرب إليها من الحياة لم نرَ فيها سوى القتلة والمجرمين والخطيرين جداً، كأنهم جاءوا لهذا العالم من عالم الجحيم والشياطين المخيفة بسلاسلها وعصيها المشوكة من فولاذ ورصاص كانت تعذب بها كائنات ما في عالم آخر وجاءت لهذا العالم لتعذبنا كدين من عذاب أزلي ، ولم نجد ما نقاوم به سوى الوحدة والألم والهروب والآهات والبكاء على أطلال ونكسار ضياع مستقبلنا في هذه المدينة السجن الذين نعيش فيها السراح المؤقت.
سرق السياسيون عالمنا وأموالنا وتركوا لنا افكاراً عقيمة لا نستطيع ترجمتها ولا أخراجها ، أنهز جذع الصبر من التعب ، كم هي حزينة ذواتنا التائهة في شعاب الحياة المملؤة بالويلات والحروب والدمار .
نطوف والموت يطوف معنا. نسخر من الطلقة المارقة ظاهراً ونرتجف هولاً في أعماقنا الدفينة، ولكثرة ما رجفنا تجلدت الروح هاربةً من مشاعر الفزع، فالموت أصبح حقيقة صلبة، ونحن نراه يخطف واحداً منا بين الحين والحين.
الأقوياء يستعبدون الضعفاء، ـ وكلنا في هذه المدينة ضعفاء ـ يهددونهم بشكل دائم ويستغلونهم بشكل متوحش ورهيب ،حتى تنتفي مع وحشيتهم وتسلطهم إرادة وأبسط رغبات الضعفاء  ،كل ذلك من أجل متعتهم الأنانية العمياء،وبمجرد ما يفكر أن يتمرد أحد الضعفاء يغلقون أفواههم بالبندقية .

مقالات الكاتب

أعترافات نيسان

في الرابع والعشرين  منه جئت الى الحياة … غنت له فيروز ولورده وزهره  وأوراقه الخضراء ولأغصا...