لبنان تحت النيران
لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...
لعل افضل ما يمكن أن تعلمه لنا الحياة أن الإنسان مهما طال به العمر لايستطيع أن يضيف وقتا إلى حياته ، وإن الموت حق وقدر لامفر منه ، ولكنه يستطيع أن يضيف حياة إلى وقته !
اظن ان تلك هي خلاصة الحياة ، خلاصة كل إنسان في هذا الكون منذ خلق الله آبو البشرية آدم وحتى النهاية الحتمية لكل مافي هذا الوجود، ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.) وعليه خلال هذا الوقت القصير من عمره أن يجعل معنى لحياته ، فذلك هو العمر الحقيقي الذي سوف يعيشه ، والحياة التي يمكن أن يضيفها إلى وقته .
وأعتقد أن الدكتور أحمد عبدالله القاضي ، الذي ولد في حافة الاصنج بالشيخ عثمان سنة 1945م وتوفي في 12 اكتوبر 2022م قد أدرك من خلال العمر الذي عاشه هذه الحكمة ، وفهم هذه المعادلة .ولم يضع ثانية واحدة لكي يضيف حياة إلى وقته. فبمجرد أن انهى الثانوية العامة في كلية عدن وهي ارقى كلية في ذلك الوقت والوحيدةفي المستعمرة البريطانية حتى التحق بسلك التدريس . ثم توجه للدراسة الجامعية فحصل على الماجستير في القانون الدولي مع مرتبة الشرف من الاتحاد السوفيتي ولعله كان من أوائل الطلبة الذين ابتعثوا إلى الخارج بعد الاستقلال الوطني سنة 1967 ، ليعمل بعد تخرجه كمستشار قانوني ثم مديرا للدائرة القانونية بوزارة المالية في عدن . لكن هذا لايرضي طموحه فيحصل على الدكتوراه من جامعة بودابست العريقة بتخصص في القانون الضريبي ،ليعمل مستشارًا في وزارة المالية في عدن ومحاضرا منتدبًا في كلية الحقوق بجامعة عدن لمادة القانون المالي وتبوأ العديد من الوظائف العامة في تخصصه قبل الوحدة وبعدها في عدن وصنعاء وكان آخر منصب تقلده موقع الأمين عام للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد حتى يوليو 2015،
وإذا كانت هذه سيرته العلمية والمهنية الزاخرة بالعلم والعمل والتفوق ، فإن سيرته كباحث وكاتب توزعت مقالاته وابحاثه العلمية بين الصحف والمجلات الوطنية والدوريات العلمية العالمية.
وحبه لمدينته عدن سيدفعه مع مائة من أبناء عدن الخيرين لتأسيس جمعية عدن الخيرية بعد عام 1991 والى لعب دور محوري في تأسيس التجمع المدني الجنوبي الديمقراطي ( مجد) منذ بدايته المبكرة ، وكان ضمن القيادات المائة الاساسية للجنة التحضيرية الذين صاغوا مشروع الرؤية الوطنية للتجمع الذي أعلن عن إشهاره في صنعاء سنة 2012 وكان ضمن ال 500 الذين أعلنوا عن بيان الإشهار كما جاء في النعي الذي اصدرته المجموعة بوفاة احد قياداتها المؤسسين الدكتور أحمد عبدالله القاضي والذي جاء فيه :
""بوفاة هذا الفارس العدني النبيل خسرت عدن والوطن أحد رجالاتها الشجعان الذي صال وجال بإخلاصٍ وتفانٍ في مختلف مواقع العمل المدني: في سلك التعليم العام والجامعي وفي شتّى مواقع الوظيفة العامة العليا، مثابرًا بإخلاص في سبيل تقدم وتطوير الوطن، متمثلًا بعمق تاريخ الآباء المؤسسين ومواصلًا لمسيرتهم على درب النهضة والتنوير والتطوير التي مثلت عدن الحبيبة نبراسها الوهاج على مدى قرنٍ من الزمان. ""
رحل الدكتور أحمد القاضي ولكن بعد ان اضاف حياة إلى وقته بما تركه من أثر طيب وسيرة عطرة وخلفه من أسرة كريمة زوجة واولادا وعلما نافعا واصدقاء ورفقة عمل وكفاح ..
تعرفت إلى الفقيد الدكتور أحمد القاضي في وزارة المالية في عدن لاول مرة ، والتقينا كثيرا في عدن وصنعاء ومحطات أخرى، وكان مثالا للجدية والأخلاص ..وبوفاته فقدت صديقا عزيزا ارتبطت معه ومع اخويه عبد المجيد القاضي ومحمد شاكر رحمهم الله جميعا بعلاقات صداقة طويلة كرسناها لخدمة الوطن ..
تعازينا لاسرته المكلومة ..زوجته وأولاده : سند وخلدون وعبدالله واروى وكافة آل القاضي الكرام
وكل اقربائه واصدقائه .
ولاحول ولاقوة إلا بالله