تأثير الوديعة السعودية المرتقبة على أسعار العملات. وإستغلال الإقليم للوضع الاقتصادي

هبوط أسعار العملات الإجنبية مقابل العملة المحلية بهذا الشكل المتسارع، بمجرد الحديث عن وديعة سعودية في حساب البنك المركزي، فيها نوع من سرقة مدخرات المواطنين من النقد الأجنبي من قبل البنوك التجارية وشركات الصرافة،، يساعد على ذلك الإعلام الذي يحاول خلق حالة من الهلع لدى الشارع، للإسراع في بيع  مالديهم من مدخرات من النقد الأجنبي  وبهذا يكون الهبوط إضافة إلى أخبار  الوديعة من نافذة العرض والطلب، بما معناه أن الاعلام مساهم في ذلك.
السؤال لماذا الإعلام و الترويج للوديعة، وكأنها العصاء السحرية لأنقاذ الاقتصاد المنهار؟
من وجهة نظري أن السعودية قد  حققت جزء كبير من أهدافها الغير معلنة في اليمن عسكريا، وطول أمد الحرب لم يعد مجديا ، لذا تضغط من خلال الزاوية الاقتصادية لتحقيق بقية  أهدافها عن طريق  الحوار. 
وكما هو معروف هناك  حوارات تسير بوتيرة عالية، بين السعودية والحوثيين، برعاية عمانية، ولا شك أنه قد تم التوصل  إلى تفاهمات مهمة،، ولأن  الوضع الاقتصادي يؤورق كل القوى على إختلافها، يبقى أول الملفات المطروحة، لهذا  تسعى  السعودية لإحداث تأثير إقتصادي ملموس من خلال وديعة تعتبر بسيطة جدا،  مقارنة مع الإنهيار الإقتصادي  الحاصل الناتج عن  تداعيات ماخلفته الحرب ، وعليه  عملت على التنسيق لإحداث ضجة إعلامية، حتى يكون  أثر الوديعة ملموس من خلال مساهمة المواطنين في بيع مدخراتهم لزيادة المعروض من  النقد الأجنبي، وإحجام شركات الصرافة عن المضاربة بالعملة متأثرة بأخبار الوديعة وهنا يحصل الهبوط المتسارع، وذلك يحسن وضع السعودية  على الطاولة أكثر. ويحظى أي تقارب قد يتم  بقبول شعبي ضاغط لصالح المملكة لأن الودائع لا تحدث هذا الهبوط  حتى في دول مستقرة تعرضت لأزمات إقتصادية منها جمهورية مصر العربية على سبيل المثال. 
لهذا بقدر التفاؤل ، ندرك أن هذا التحسن مؤقت وسيعاود الارتفاع مجددا مالم تكن هناك سياسات حكومية وإتفاق سياسي يكون الاقليم. طرفا فيه و يفضي الى:
_ تحييد الملف الإقتصادي عن الحرب بداية من توحيد  السياسات النقدية بين بنكي عدن وصنعاء.
_مراجعة الإستيراد  وحصره في الأساسيات، ومنع إستيراد السلع الغير ضرورية بما فيها السيارات،، كذلك تنظيم الطلب على العملة من قبل التجار المستوردين، و الخ...
_تصدير النفط وتشغيل مصافي عدن لتغذية السوق المحلية بالمحروقات.
_تخفيف نفقات الحكومة وتخفيض السلك الدبلوماسي في الخارج ودمج بعض الوزارات مع أخرى. 
_مكافحة الفساد في الحكومة من خلال إعادة هيكلة الجهاز ألمركزي للرقابة والمحاسبة وتفعيل دوره. 
_إعادة فتح حسابات المؤسسات الحكومية لدى البنك المركزي  وإغلاق حساباتها لدى شركات الصرافة.
_تفعيل قطاع الرقابة في البنك المركزي للقيام بواجبه في متابعة نشاط  البنوك التجارية وشركات الصرافة وتحديد السقوفات المالية من النقد المحلي في خزائنها لمنع المضاربة بالعملة، وهذا لن يتم قبل إلزام البنوك التجارية والشركات الكبيرة  ينقل مراكزها الى عدن.
_إجراءات أخرى ربما قد يتناولها بتفصيل أكثر، فقهاء الاقتصاد والمهتمين بالشأن الاقتصادي من ذوي العلاقة المباشرة بذلك الملف، ممن تتوفر لديهم المعلومات الكافية  بحكم مواقعهم وقربهم من دوائر  صناعة القرار.
وأخيرا أود التنويه إلى أن طرحي هذا لا يعني التشاؤم وفقدان الأمل بأي تحسن قد يطرأ على الملف الاقتصادي لكنني أدرك جيدا أن الحرب لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل أن لها أدوات لاتقل فتكا عن الأدوات العسكرية، لهذا لامكان للإستقرار الاقتصادي طالما والحرب قائمة دون أفق واضح لنهايتها.

#ناصر_المشارع

الثلاثاء 21 فبراير 2023م
.

مقالات الكاتب