لبنان تحت النيران
لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...
تحيي كل القوى النبيلة في العالم التي لا تقبل الاحتلال وسياسة الاحلال العنصرية الإسرائيلية في فلسطين وقدسنا اليوم الجمعة 5 أبريل 2024 الموافق للخامس والعشرين من رمضان 1445 هجرية يوم التضامن العالمي مع القدس والذي يصادف مرور 182 يوماً من حرب الإبادة والتجويع وإرهاب الدولة والحصار في غزة وكافة المدن الفلسطينية.
تعمل إسرائيل بدون كلل على طمس هُوية القدس العربية وتهميش سكانها المسلمين والمسيحين الأخوة في الوطن وفي المعاناة وإضعافهم وتجريدهم من مقومات البقاء في أرضهم ومن حقهم في المقاومة حتى يتسنى لها تهويدها بالكامل تمهيداً للطرد القسري لأهلها من قبل الدخلاء عليها الآتين من كل حدب وصوب مدججين بثقافة كراهية وعنصرية تسوم عرب القدس يومياً سوء العذاب. المقدسيون يقاومون بكل ما أوتوا من إمكانيات متواضعة تهويد مدينتهم ويرفضون إغراءات لا تخطر على البال لبيع بيوتهم بأغلى الأثمان مع ضمانات لهم لقضاء حياة آمنة ومريحة في أمريكا شريكة القوى الصهيونية العالمية في التهويد. وإلى جانب ذلك يتعرض المقدسيون لشتى صنوف القمع والاضطهاد ومنه البصق على وجوههم أمام وسائل الإعلام العربية والغربية ولا يسلم من ذلك حتى الذين يصلون في المسجد الأقصى.
يتم كل هذا من قبل صهاينة غرباء غير عابئين بأي عواقب لأن دولة الاحتلال وراعيتها الولايات المتحدة تحميهم من العتاب ناهيكم عن العقاب .
إن القدس تعيش حالة غريبة لا سابقة لها في التاريخ إذ تصر إسرائيل على عدم تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 عليها، لتصبح عمداً غير محمية بالقانون الدولي وبالاتفاقية التي توجب على كل دولة محتلة الحفاظ على مصالح السكان وعدم إحداث أي تغيير جغرافي أو ديمغرافي في الأرض المحتلة وتشاطرها أمريكا هذه السياسة.
إن القدس كل القدس بقسميها الشرقي المقدس وبغربها للعالم كله مدينة السلام ولكن الاحتلال حولها شرقها بعد احتلالها العسكري عام 1967 إلى مدينة لا تشبه أهلها ولا تنتمي نتيجة الاستيطان إلى شخصيتها المدنية السلمية الحضارية المتسامحة وإلى مدينة دم وتوسع استيطاني استعماري.
التقصير العربي:
لا يمل العرب والمسلمين الحديث عن تعلقهم بها والتعبير عن التعاطف مع المقدسيين ومع القدس والمسجد الأقصى كأولى القبلتين وثالث الحرمين ومدينة معراج النبي (ص) . وبرغم أهمية هذا التعاطف وعدم التقليل من قيمته إلا أنه لايغير في واقع القدس ولا يساعد المقدسيين على الصمود وإفشال مساعي دولة الاحتلال لتهويد مدينتهم. إن التضامن الحقيقي الفعال هو الذي يغير الحقائق على الأرض ويدعم صمود المقدسيين وبقاءهم في أرضهم يزرعون ويتاجرون ويتعلمون ويقاومون بدون خشية من المستقبل ومن المحتل. اسرائيل لم تقم لها قائمة كدولة احتلال اليهودي منذ نشأة الحركة الصهيونية إلا بالمال اليهودي وتأسيس الصندوق القومي اليهودي عام 1901 لجمع التبرعات لاستعمار فلسطين العربية. وبجانب دور الصندوق الذي لم يتوقف حتى اليوم يتبرع اليهود بمئات الملايين من الدولارات للاحتلال والاستيطان وخاصة في القدس. وفي حرب إسرائيل المستمرة على غزة التي بدأت في 7 اكتوبر 2023 جمع يهود امريكا تبرعات لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم القسري تربو على المليار دولار .لنسأل أنفسنا لماذا العرب غائبون عن دعم مدينتهم المقدسة ودعم صمود أهلها ولماذا لا يوظفون القليل من مالهم في استثمارات تدعم المقدسيين وتخفف من وطأة التهويد. نأمل في يوم التضامن مع فلسطين أن يعمل العرب حكومات وأفراد على الاتجاه صوب القدس قبل فوات الأوان والبكاء على الأطلال واللبن المسكوب. لنتفاءل بأن القدس ليست فقط ذكرى في يوم التضامن معها ونأمل أن نحتفي العام القادم بقدس أقوى بفعل الدعم المالي العربي - الإسلامي الفعلي والسخي لها ولسكانها الصامدين وياليت يبدأ هذا الدعم من هذا اليوم.
تحيا القدس عربية الهوى والهُوية.
المجد والخلود لشهداء غزة والضفة الغربية.