سباق الرئاسة في أمريكا
الرئيس علي ناصر محمد
تابعنا، كما تابع العالم والشعوب العربية، الانتخابات الأمريكية التي انتهت بفوز الرئيس الأمريكي ترامب...
تتفق أو تختلف مع الرئيس السابق علي ناصر ، تكرهه أو تحبه ، وتتوافق مع رؤاه أو لا تتوافق ...
كل ذلك لا يقلل من قيمة الرجل ، ولا ينتقص من مكانته ، ولا يخدش في سمعته ،،
وأنا هنا لا أمتدحه ، ولا أمجَّده ، فأنا أقل من أن أكتب عن هامة وطنية ، وشخصية تجاوز تأثيرها حدود اليمن.
ولكن ...
هناك ما أستوقفني كثيراً من خلال تلك المقابلة الجريئة التي اكتسبت صدى شعبياً واسعاً .
ولعل أهم تلك الوقفات ..... هي الشجاعة التي تكلم بها الرجل عن مرحلة تاريخية من حياة اليمنيين عموماً ، والجنوب على وجه الخصوص .
فالرجل تحدث بملئ فيه عن تلك الحقبة الزمنية السوداء فقال :( كلنا أخطأنا ) .
كلنا نتحمل آوزار تلك المرحلة ، ليس هناك من هو برئ من تلك الأحداث الدامية التي حصلت منذ فجر الثورة وحتى هذه اللحظة .
والحقيقة أنني لأول مرة أسمع مسؤولاً يتحدث بهذه الصراحة ، وبهذه القوة ، وبهذا الوضوح وبهذه الشجاعة عن تاريخ ( أغبر ) هو جزء منه .
وهذا ما يُحسب للرئيس علي ناصر .
فالرجل أشاح اللثام عن حقائق يحاول الرفاق إخفائها ، والتنصل منها ، والتستر عليها ، رُغم معرفة الجميع بكل تفاصيلها .
والأهم من هذا كله أنَّه لم يكتف بإلقاء الكلام على عواهنه .....ولكنه شخَّص الداءَ ، ووصف الدواءَ ، وحدد العلل وأعطى الحل .
تجلى ذلك بوضوح من خلال نظرته للحل والخروج من عنق الزجاجة التي ولجنا فيها منذ حرب ( التحرير ، والقومية 1966م ) وحتى الساعة .
فنظرته للخروج من دوامة العنف هذه ... تكمن في اعتماد السلمية وسيلة لحل كافة الخلافات ، وإحياء مبدأ الحوار الشامل لكل أطياف اليمن ، ووضع أسساً وتصورات ومخارجاً تضمن صيانة حقوق الجميع .
في الحقيقه أنَّني _ومن خلال تلك المقابلة_ أشعر بمصداقية الرجل ، وحرصه على لم الشمل ، ورأب الصدع ، وتوحيد الكلمة ، وتقارب وجهات النظر ، ووضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات .
لقد بلغ السيد علي ناصر من العمر عتياً فهو في العقد التاسع من عمره ، وقال بصريح العبارة لا أطمع في شئ ..ولكن أحلم بأن يعم السلام ربوع الوطن .
فلماذا لا نقتنص هذه اللحظة التاريخية الفارقة من عمر اليمنيين ، ونهتبل هذه الدعوة الصادقة ونتداعى إلى كلمة سواء نصلح بها شأننا ، وننهي بها أحزاننا ، ونمحو بها مآسينا ، ونغفل بها ماضينا ، وننطلق بها لإصلاح مستقبل أجيالنا .
ربما لا يستسيغ البعض مثل هذا الكلام الذي صدر من قبل السيد علي ناصر .
حسناً حسناً ،،
فلنترك ناصر وشأنه ،،
هل لدى مثل هؤلاء الرافضين لتلك الدعوة أية تصورات ، ورؤى ، وأفكار من شأنها أن تخرجنا من هذه الدوامة ؟
فلتتبلور في أية صياغة والعقلاء سيتعاملون معها .
نحن لا نقدس الأشخاص ...ولكننا نقدر الأفكار .
أعتقد أنَّ الوقت قد حان لوأد الماضي المؤلم بكل علاته ، ولطي صفحة عفنة من تاريخ جنوبنا الحبيب بكل سلبياتها ، والولوج إلى مرحلة جديدة تحتوي الكل ، ونؤسس لمداميك دولة نظام وقانون تحفظ الحقوق ، وتصون الحريات ، ويتساوى فيها الجميع .
فمتى نعي أنَّ العداوة لا تنتهي بالعداوة ....وإنَّما تنتهي العداوة بالحب ،،
فالصراع...سيولد صراعاً .
والعنف ...سيولد عنفاً .
والانتقام ...سيولد انتقاماً أسوأ منه .
وهكذا سنظل دواليك في دوامة لا تنتهي .
والمخرج السليم للجميع أن يعتمدوا السلمية طريقاً أوحداً لحل الخلافات ، وإنهاء الصراعات .
ربما يظن البعض أنني فيلسوف واهم ، أو روائي متخيل ، أو شاعر ثرثار ، أو متقول موَّار ...
كلا وحاشا ...
فأنا لست هذا ولا ذاك .
لكنني يمني أصيل يعتصر قلبي ألماً لما آلت إليه أحوالنا ...
فأنا أكره الحرب ، وأعشق السلام
أبغض العداوة وأدعو إلى المحبة .
أرفض الصراعات وأتوق إلى التوافقات .
أحلم بأن ترفرف رايات السلام على أرجاء بلادي ، وأن نعيش بأمن وأمان ، وأن ننعم بالحرية ، والديمقراطية ، والعدالة ، والعيش الكريم.
لحوالي ستة عقود ( وأخص هنا الجنوبيين من كافة الأطراف )..... جربتم كافة أشكال العنف فيما بينكم ، واستعملتم كل وسائل الخسة والدناءة ، ودخلتم مستنقع الرذائل إلى شحمة أذنيكم ....
أسألوا أنفسكم :
ما هي النتيجة ؟
وهل استطاع طرف أن ينهي طرفاً ، أو أن يبيده ويتخلص منه ؟
بكل تأكيد لا .
فلماذا إذن نكرر نفس الخطأ .
بقول ألبرت أينشتاين : "الغباء (الجنون) هو أن تفعل الشيء نفسه مرة بعد مرة ثم تنتظر نتائج مختلفة" .
ونحن _ وبالذات في الجنوب _ نفعل نفس الخطأ مائة مرة ومرة ...ثم نريد نتائج مختلفة .
كل طرف يكرر نفس خطأ الطرف الآخر ، ثم ننتظر من الشعب أن يستكين ويصبر ، ويرضى ، ويحتسب ، ويطبل ، ويصفق ....فهذا هو عين الغباء .
المطلوب اليوم من قيادة الأطراف الجنوبية المتصارعة أن تترجل من أعلى الشجرة وتعيش في القاع مع الشعب لترى بعينها معاناة المواطنين ....لعل ذلك يذيب جليد كبريائها ، ويلين جفاء قلوبها ، ويحي موات ضمائرها ...فتشعر بحاجة الناس الماسة لإنهاء قاذورات الخلافات التي لوثت بيئة الشعب ، وأزكمت أنوفهم ، وحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق .
لقد اقتنعنا أنكم ( جميعا ) تكذبون علينا ، وأن شعاراتكم هي مجرد وسائل لتحقيق مصالحكم الخاصة ....
فرسالتنا لكم كلكم أجمعين _ أيها المتصارعون
لقد مللنا الحروب ، وكرهنا الصراعات.....
وتقنا إلى السلام ..
تقنا إلى السلام ..
تقنا إلى السلام .