غيب الموت المناضل الكبير اللواء خالد أبوبكر باراس

لقد فقد الوطن اليوم مناضلًا كبيرًا وقائدًا شجاعًا، اللواء خالد أبوبكر باراس، أحد مناضلي حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني بقيادة الجبهة القومية وأحد قادتها في حضرموت..

أصابني هذا الخبر بالحزن الشديد، كما أصاب أهله وذويه وكل من عرفه وعرف كفاحه من أجل الحرية والاستقلال، ودوره الملموس في بناء القوات المسلحة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. عُرف بسجاياه الحميدة وصلابته ومواقفه الوطنية في أحلك الظروف، بالإضافة إلى رجاحة عقله. أكدت كل السنوات التي عمل فيها في العمل الوطني والثورة والدولة والقوات المسلحة أنه كان نوعًا نادرًا من الرجال الذين يُعتد بهم وبنضالهم وسيرتهم الذاتية.

• ولد خالد باراس سنة 1942م في حجر بحضرموت، تلك الأرض التي أهدت الوطن والثورة والدولة بعضًا من رجالها الأبطال الشجعان الذين كان لهم دورهم في حرب التحرير من أجل الاستقلال الوطني، كما كانت لهم بصماتهم في بناء الدولة الوطنية. لقد كان لحضرموت الحضارة والتاريخ دورها في رفد الثورة والدولة برجال مناضلين وكفاءات في مختلف المجالات، أمثال خالد عبدالعزيز، وسالم علي الكندي، وعلي البيض، وعبدالله صالح البار، والحاج صالح باقيس، وحيدر أبوبكر العطاس، واللواء عبدالرحيم عتيق، ومحمود سعيد مدحي، وفرج بن غانم، وصالح أبوبكر بن حسينون، ومحمد محفوظ باحشوان، ومحمد عبدالقادر بافقيه، فيصل بن شملان، وسالم بكير، وسعيد عبدالخير النوبان، وغيرهم الكثير الذين لا يتسع لهم المجال.

• انتمى خالد باراس إلى جيش البادية الحضرمي سنة 1956 أيام السلطنة القعيطية، وهو لا يزال فتى في الرابعة عشرة من عمره، وتلقى عدة دورات تدريبية وتخصص في اللاسلكي. وفي عام 1960، انضم إلى حركة القوميين العرب التي انبثقت منها ومن عدة تنظيمات أخرى الجبهة القومية التي قادت الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال الوطني والتخلص من الاستعمار البريطاني. وقد كتب عن تلك الفترة في مذكراته.

• عقب الظفر بالاستقلال، شغل منصب رئيس هيئة أركان الأمن في حضرموت. وفي عام 1970، عُين قائدًا لسلاح المدفعية لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وابتعث إلى سورية الشقيقة لاستكمال تأهيله.

• في الفترة من 1972 إلى 1975، التحق بأكاديمية لينينجراد العسكرية وتخصص في سلاح الصواريخ. وفي الفترة من 1976 إلى 1978، التحق بأكاديمية الشرطة في موسكو حيث درس القانون. وفي نفس العام، ترقى إلى رتبة مقدم، وعين قائدًا لسلاح المدفعية والصواريخ حتى العام 1981.

• من سنة 1981 حتى 1987، شغل منصب الملحق العسكري لدى سفارتنا في الاتحاد السوفيتي، وشهدت هذه الفترة مزيدًا من تعزيز العلاقات بين البلدين في المجال العسكري وتوريدات السلاح لليمن الديمقراطية.

• سيشهد عام 1988 نقلة نوعية في حياة المناضل خالد باراس، إذ سينتقل من الحياة العسكرية والعمل في القوات المسلحة التي قضى فيها جل عمره إلى الحياة المدنية، عندما عُين نائبًا لرئيس مجلس السلم والتضامن. وستكون هذه خطوة أخرى في حياته السياسية، إذ انتخب عضوًا في مجلس النواب بعد الوحدة من عام 1990 حتى العام 1994، وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب التي عرفت بحرب صيف العام 1994. هنا سيجد المناضل خالد باراس نفسه خارج الوطن، وقضى السنوات بين 1994 و2002 خارج اليمن، وتفرغ لكتابة مذكراته الشخصية.

• في عام 2003، أُحيل إلى المعاش، لكن ذلك لم يكن نهاية الحياة بالنسبة لرجل اشتغل في العمل السياسي وامتهن الحياة العسكرية منذ نعومة أظفاره وعاصر كل مراحل الثورة وبناء الدولة والوحدة وكل الصراعات التي مرت بها اليمن شمالًا وجنوبًا. نجده ينخرط في الحراك السلمي الجنوبي الشعبي كأحد قادته البارزين، وشارك في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء الذي ناقش قضايا تهم مستقبل اليمن، من أهمها القضية الوطنية الجنوبية العادلة.

رحم الله الصديق ورفيق النضال خالد أبوبكر باراس. 
فقد فقدت برحيله صديقًا عزيزًا، وفقد الوطن مناضلًا جسورًا، وسياسيًا وعسكريًا من خيرة الرجال. 
لروحه السلام، 
ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...