لبنان تحت النيران
لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...
مازال المشهد مستمراً وبشكل يومي، عشرات الشهداء والشهيدات الفلسطينيين يستشهدون في قطاع غزة معظمهم بغارات جوية تستخدم طائرات وأسلحة امريكية وغربية. ولم تكن مجزرة مسجد ومدرسة التابعين في 10 اغسطس الجاري هي الأولى والأخيرة، ولكن ما جعلها تختلف عن غيرها هي انها الوحيدة التي أيقظت امريكا وقالت أنها تشعر "بقلق بالغ" بعد ارتكابها. إلا أنها تجنبت إدانة دولة الاحتلال أو حتى أن تقول لها أنها تسبب لها حرجاً داخلياً ودولياً وعجزاً في تبرير سياساتها التسليحية لدولة لم تتعب من ارتكاب عدة مجازر كل يوم حتى تجاوز رقم الشهداء أربعين ألفا والمصابين ثمانين ألفا فيما يقدرعدد المفقودين بأكثر من عشرة آلاف.
إن القنبلة التي قتلت 93 مدنياً في مدرسة التابعين بينهم 11 طفلاً، امريكية الصنع، وقد نشرت وسائل إعلام امريكية تفاصيل عنها وعن استخدامها في العراق وافغانستان وفي حرب إسرائيل على غزة عام 2021 وهي من طراز GBU - 39 ومخصصة لاختراق المواقع المحصنة بينما استخدمتها إسرائيل في مدرسة التابعين.
مقابل " القلق الامريكي البالغ" عبرت السيدة فرانشيسكا البانيز المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة عن الضمير الإنساني بوصفها ما حدث في الفجر والناس يصلون بالإبادة الجماعية التي تُستخدم فيها أسلحة امريكية وغربية وشتان بين الموقفين.
وبينما كان الدم الفلسطيني لايزال طرياً على أرضه قررت واشنطن استئناف تلقي الوحدة العسكرية الصهيونية المتطرفة "نتسيح يهودا" المتهمة بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في رام الله وجنين بعد معلومات قدمها الذئب الإسرائيلي لتبرئتها من ارتكابها مجازر مشابهة لما تقوم به هي في غزة.
أما ثالثة الأثافي فهي منح، وليس بيع، امريكا لإسرائيل اسلحة بقيمة خمسين مليار دولار منذ ٧ اكتوبر الماضي وحتى اليوم لقتل الفلسطينيين ولكي تسبب لواشنطن " قلق بالغ" آخر!!! . إنه ليس من قبيل الادعاء أن امريكا شريك كامل في كل سياسات الاحتلال الاستعمارية الاستيطانية والقتل اليومي في غزة وفي الضفة التي بلغ شهداءها عشرة آلاف شهيد، وفي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وفي ارتكاب الإبادة الجماعية وسياسة التطهير العرقي.
أليست واشنطن هي التي استقبلت مجرم الحرب نتنياهو لكي يقول لها أنه يحارب نيابة عنها وعليها أن تشكره لدفاعه نيابة عنها عن الحضارة الغربية ضد البرابرة وسط تصفيق غير مسبوق لم يحصل عليه حتى هتلر وموسوليني في وطنيهما. إنه لمن المقطوع به أن امريكا ودولة الاحتلال ما كانتا سترتكبان معاً كل هذه الجرائم لولا الصمت والتخاذل وضعف الموقف العربي والإسلامي. فعندما يقول العرب بصوت واحد لواشنطن لن نقبل سفك المزيد من دماء الفلسطينيين في غزة وفي الضفة بأسلحتك وبتمويلك وترفض استقبال وزير الخارجية الامريكية وأي مبعوث امريكي فإن واشنطن ستعيد النظر حتماً في مشاركتها الإجرامية في حرب الإبادة والتهجير القسري وفي تصفية القضية الفلسطينية.
وكل التحية لهذا الشعب العظيم والصامد والمجد والخلود لشهدائنا وأبنائنا، مؤكدين دعمنا لنضالهم ومقاومتهم حتى قيام دولتهم وعاصمتها القدس.