العميد الشيخ صالح عبدالله شيخ الملقب بالمزمبر أيقونة النزاهة والبساطة

ولد العميد صالح عبدالله شيخ المعروف بـ"المزمبر" في عام 1943 في قرية الجروبة بمنطقة البطان في مديرية الوضيع نشأ في بيئة متواضعة وكان من أوائل الذين التحقوا بـ"المعلامة" وهو نظام التعليم التقليدي لتعليم القران ونظرا لعدم وجود مدارس حكومية تحت حكم المستعمر البريطاني آنذاك
رحلة الكفاح الوطني
في عام 1962م انضم العميد صالح إلى صفوف الجيش حيث وجد نفسه مدفوعا بروح وطنية عالية لم يقتصر دوره على خدمة الجيش فقط بل كان مناضلا في صفوف الجبهة القومية لمقاومة الاحتلال البريطاني حتى تحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م
بعد الاستقلال واصل تطوير نفسه فالتحق بالمعهد العسكري وأثبت تفوقه حتى حصل على شهادة الماجستير العسكرية ليصبح من أبرز الكفاءات في القوات المسلحة
بعد أحداث يناير الدامية عين المزمبر من قبل الرئيس علي ناصر محمد كضابط مالي للألوية التي انتقلت إلى منطقة السوادية أظهر كفاءة عالية في إدارة الأمور المالية مع الالتزام بالنزاهة والانضباط وهي صفات نادرة في ذلك الزمن
وعقب تحقيق الوحدة اليمنية عاد مع الألوية إلى عدن وتم تعيينه ضابطا ماليا للقوات البحرية عرف عنه الالتزام الصارم بالأنظمة حيث كان من المستحيل أن يتدخل في عمله الوساطات أو المحسوبيات لم يكن يخصم من رواتب الجنود أو الضباط إلا بما يتفق مع القانون وهو ما أكسبه احترام الجميع حيث كان
للعميد الشيخ صالح عبدالله العديد من الاسهامات في اصلاح ذات البين وشخصية عفوية وصريحة عندما كان يُسأل عن الأحوال كان يرد ببساطة: "مُزمبره"، في إشارة إلى أن كل شيء يسير على ما يرام مما أكسبه هذا اللقب الذي أصبح مرادفا لاسمه
حيث كان طوال مسيرته ورغم توليه مناصب رفيعة لم يُعرف عن المزمبر أنه استغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية لم يشتر سيارة ولم يبن منزلا مفضلا العيش ببساطة كان يعود إلى قريته أثناء الإجازات ليعيش كأي مواطن عادي يجلس مع الكبار والصغار ويشاركهم حياتهم اليومية
كان العميد الشيخ صالح شيخ مثالا للرجل المتواضع المحبوب الذي لم تغره المناصب أحبته قريته ومجتمعه واعتبروه واحدا منهم رغم دوره البارز في القوات المسلحة
ذكريات لا تنسى مع العميد صالح المزمبر في لحظة من أجمل لحظات الحياة كان لي الشرف أن ألتقي بالعميد الشيخ صالح عبدالله شيخ الملقب بالمزمبر في القاهرة قبل وفاته كان هذا اللقاء بمثابة نافذة مضيئة على شخصيته الفريدة التي جمعت بين التواضع العميق والثقافة الواسعة كان العم صالح كتلة من التواضع تمشي على الأرض رجلا يأسر القلوب بابتسامته العفوية وروحه الطيبة لم تكن مكانته العسكرية أو ألقابه لتفصله عن بساطة الإنسان الذي يعشق التواصل مع الجميع كانت كلماته تتسم بالحكمة وحديثه يفيض بالحب والاعتزاز بمسقط رأسه الوضيع
كل حديث بيننا كان ينتهي عند الوضيع مسقط رأسه الغالي الذي ظل يحمله في قلبه كأنها قطعة من الجنة تحدث عن أهلها بحب وعن ذكرياته فيها بفخر وكأن الوضيع هي محور حياته وروحه التي لم تفارقها أبدا رغم المسافات حيث لا أنسى تلك الأيام التي قضيتها معه ومع ابنه عادل حيث شعرت بدفء العائلة وروح المودة كانت جلساتنا عامرة بالضحك والحديث العميق عن الوطن عن التحديات والآمال كان العم صالح مثالا للرجل الذي يجمع بين الأصالة والبساطة مما جعل تلك اللحظات ذكرى لا تنسى في قلبي حيث كان رحيله مفجع لنا رحمه الله 
في 21 مارس 2021م توفي العميد الشيخ صالح عبدالله شيخ في جمهورية مصر العربية نقلت جثمانه الطاهرة إلى مسقط رأسه في مدينة الوضيع بمحافظة أبين حيث وارى الثرى بين أهله ومحبيه ترك وراءه إرثا من النزاهة والوفاء ليظل مثالا يحتذى به في الأخلاق والوطنية رحم الله العم صالح عبدالله شيخ القائد النزيه والإنسان البسيط الذي عاش من أجل وطنه ومجتمعه وبقيت ذكراه حاضرة في قلوب كل من عرفوه نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته ويجزيه عن وطنه ومجتمعه خير الجزاء.
*رمزي الفضلي

مقالات الكاتب