الشهيد قاسم شمباء حياة كريمة ونهاية بطولية

في تاريخ الأمم والشعوب تبرز أسماء خالدة تمثل رمزا للوفاء والنضال ومن بين تلك الأسماء الشهيد قاسم شمباء ولد في عام 1947 في منطقة آل محوري بمحافظة أبين ونشأ في بيئة بسيطة كأغلب أبناء جيله لكنه صنع من تلك البساطة مجدا مشرفا سيبقى حاضرا في ذاكرة الأجيال

نشأ الشهيد قاسم شمباء في ظروف صعبة دفعت به إلى الالتحاق بالقوات المسلحة في سن مبكرة مسهما بذلك في إعالة أسرته التي كانت تواجه تحديات الحياة القاسية لم يكن مجرد جندي بل كان مثالا للإخلاص والاجتهاد مما أهله للتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة نقيب
وبعد انقلاب سالمين وما تبعه من تغييرات جذرية في الحياة العسكرية وجد الشهيد نفسه مع مجموعة كبيرة من الضباط المسرحين الذين أُحيلوا إلى وظائف مدنية تم تحويله إلى وزارة التربية حيث عمل كمدرب عسكري في مدرسة خبر المراقشة ورغم هذه النكسة ظل قاسم شمباء متمسكا بإرادة حديدية مؤديا واجبه بإخلاص دون أن تفتر همته أو يضعف عزمه
ومع تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 وعودة المسرحين من الجيش استعاد الشهيد مكانته في القوات المسلحة برتبة عقيد عام 1991م عين نائبا لمدير مدرسة البدو الرحل في خبر المراقشة واستمر في أداء واجبه العسكري بروح نزيهة ووطنية عالية حتى تقاعده في عام 2006م ظل يعيش براتبه التقاعدي الزهيد الذي لم يتجاوز 70,000 ريال ولكنه لم يتخل عن مبادئه أو كرامته
وعندما اشتعلت ثورة الشباب عام 2011م وسقطت محافظة أبين في أيدي العناصر الإرهابية ظهر قاسم شمباء كبطل شعبي لم ترهبه التحديات حمل سلاحه الشخصي ووقف ندا لتلك العناصر مدافعا عن أرضه وأهله بكل شجاعة وبعد تحرير محافظة أبين ومديرية لودر من قبضة القاعدة عين رئيسا للجنة الشعبية في مديرية الوضيع
ورغم شحة الإمكانيات وانقطاع رواتب أفراد اللجنة الشعبية ظل الشهيد يعمل دون كلل محتملاً مسؤولية مواجهة الإرهاب الذي كان يهدد أمن واستقرار المنطقة كان يحمل هم المجتمع على عاتقه مُجسداً روح الفداء والتضحية.
كان الشهيد قاسم شمباء أبا للفقراء والمحتاجين ورمزا للنزاهة والشجاعة عاش حياته مكافحاً من أجل وطنه ومجتمعه ولم يستغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية لقد جسد معنى الوطنية الصحيحة مستمراً في الدفاع عن أرضه حتى آخر لحظة من حياته.
ومن المواقف الطريفة للشهيد قاسم أنه كان فاتح حساب في مطعم امعين وعندما يذهب إلى التسوق يدخل إلى المطعم مع من يلاقيه في طريقة من المعاريف والاصحاب من  أجل أخذ اي وجبة طعام سوا كانت فطور أو غداء وبسبب تراكم الديون في ذلك المطعم باع راحلته من أجل تسديد ذلك كان كريم النفس سخي اليد لا يميز بين صغير او كبير فقير أو غني يعامل الناس بمبدأ واحد غفر الله له.

النهاية البطولية شهادة في سبيل الحق

في يوم 7 أغسطس 2016م وبينما كان الشهيد في طريقه للتسوق في منطقة أمعين باغتته العناصر الإرهابية التي طالما حاربها غدراً سقط على إثرها شهيداً برصاص الغدر وهو يحمل سلاحه الشخصي الذي لم يفارقه أبدا ليسجل بذلك نهاية مشرفة لرجل عاش كريماً ومات شهيداً رحم الله الشهيد قاسم شمباء الرجل الذي لم تنحني هامتة أمام التحديات كانت حياتة مليئة بالعطاء والنضال حتى لحظة استشهاده سيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال وكل من عرفه.. 
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته "إنّا لله وإنّا إليه راجعون".
*رمزي الفضلي

مقالات الكاتب