الشيخ محمد ماطر عوض نمينم: حياة ملأى بالكفاح والعزة والشجاعة

ولد الشيخ الفقيد محمد ماطر عوض نمينم في عام 1935م في قرية القشيعة السواد مديرية الوضيع بمحافظة أبين لأسرة كريمة متجذرة في حب الأرض ورعي الأغنام وتؤمن بقيم الكرامة والعدالة ولا تقبل الظلم بأي شكل من الأشكال كان محمد هو أحد أبناء ماطر الأربعة، وهم: سالم، قاسم، علي، وأحمد. عاش الشيخ طفولته في أحضان البادية حيث شارك منذ نعومة أظافره في حرث الأرض وتربية الأغنام بجانب والده وإخوانه
رحلة الكفاح المبكر
في منتصف الخمسينيات بدأ الفقيد رحلته في السلك العسكري حيث التحق بالحرس الفضلي مقدما نموذجا مميزا في الولاء والإخلاص وبعد استقلال الجنوب انضم إلى الشرطة الشعبية إلا أن مسيرته العسكرية توقفت عام 1974م بعد أن تم الاستغناء عن خدماته بسبب عدم انخراطه في التنظيم السياسي الحاكم آنذاك ورغم إقصائه لم يكن الشيخ محمد ماطر ليقف مكتوف اليدين انضم إلى الميليشيات المسلحة بقيادة الشهيد علي حسين مشرفا ومحمد علي أحمد حيث واصل الكفاح المسلح من أجل العيش بكرامة عاش رحلة شاقة لكنه لم يتراجع عن مبادئه وفي تلك الفترة انخرط في العمل الزراعي وتربية الأغنام كما احترف التجارة في بيع وشراء الأغنام والأسلحة الخفيفة والجنابي الأثرية ليصبح واحدا من أعلام المنطقة في هذا المجال وفي أعقاب معركة 1979م بين شطري اليمن أصبح الشيخ محمد هدف للسلطات الأمنية بسبب نشاطه في تجارة الأسلحة تم اعتقاله لفترة قصيرة لكنه أُطلق سراحه بعد ضمانات كبيرة لعب الفقيد دورا بارزا في إطلاق سراح الشهيد عبدالله محمد صالح عوض نمينم مسود، في موقف يعكس نبل أخلاقه واستعداده للتضحية من أجل الآخرين
الهجرة ومراحل الاغتراب
بسبب المضايقات الأمنية المستمرة قرر الشيخ محمد مغادرة وطنه في رحلة طويلة نحو شمال اليمن أولا ثم نحو المملكة العربية السعودية حيث
عرف خلال غربته في السعودية بكرم ضيافته ووفائه لأهله كان يستقبل الحجاج من أهالي الوضيع ويحرص على تقديم الواجب لهم بحكم عمله في بيع الأغنام مما جعله محل احترام ومحبة الجميع اهالي الوضيع حيث عمل في منطقة بلاد القربة المملكة العربية السعودية استمر هناك حتى أزمة الخليج في أوائل التسعينيات والتي دفعته للعودة إلى وطنه الحبيب بعد الوحدة اليمنية وبعد الوحدة والانخراط السياسي بعد عودته إلى مسقط رأسه التحق الشيخ محمد بحزب التجمع اليمني للإصلاح بقيادة الشيخ حسين عشال حيث واصل نضاله السياسي والاجتماعي من أجل المساهمة في بناء وطنه. كان كريما في عطائه إلى جانب حديثه ورزانته كان صاحب نكتة وروح مرحة تضفي بهجة على جلساته مما جعله محبوبا بين أهالي الوضيع كافة
كان رمزا للشجاعة والكرم متحملا كل صعوبات الحياة بصبر وصمود ومعتصما بتوكله على الله في جميع أموره حيث اشتهر الشيخ محمد ماطر بشخصيته الصلبة وشجاعته الفذة كان كريما معطاء طوال حياته لم يهاب الصعاب أو التحديات كان إلى جانب صفاته الشخصية كان له دور فاعل في حل النزاعات وخاصة تلك المتعلقة بالأراضي حيث كان يعتمد عليه ضمن لجنة تعرف باسم "الناظرة"، التي تعمل على تسوية الخلافات بين الملاك أو الجيران حضور محمد ماطر في مثل هذه المواقف أكسبه مكانة مرموقة ورسّخ اسمه كرمز للعدل والشجاعة والكرم بين أهالي الوضيع. 
وفي سنواته الأخيرة أصيب الشيخ محمد ماطر عوض نمينم بمرض عضال أقعده طريح الفراش لمدة عامين ورغم معاناته الطويلة مع المرض ظل محافظا على صلابته وإيمانه متوكلا على الله في كل أموره وفي عام 2001م وافته المنية تاركا خلفه إرثا لا يُنسى من الشجاعة والكرم وحب الوطن لم يكن الشيخ محمد مجرد شخصية عابرة في تاريخ الوضيع بل كان رمزا للكرامة والعطاء رجل بحجم كرمه ومواقفه الصلبة عاش حياته متفانيا في حب أهله وخدمة وطنه متمسكا بمبادئه حتى آخر لحظة من عمره رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجعل ذكراه الطيبة حاضرة في قلوب من عرفوه ومن سمعوا عن شجاعته وكرمه سيبقى الفقيد مثالا يحتذى به وشعلة أمل تلهم الأجيال القادمة للسير على درب العزة والشرف
*رمزي الفضلي

مقالات الكاتب