إرهاب البسطاء


الإرهاب الذي ظلت الاجهزة الامنية و الجماعات المسلحة والمليشيات تحدثنا عنه ، والمتمثلة بالمجاميع  الملتحية التي ترتدي قمصان فوق الكعب ، وتتسلح  بالأسلحة البيضاء والسوداء المشحوذة و المشحونة اللامعة ، ليس هو ماأريد الكتابة والتحدث عنه هنا ،  ليس إرهاب القاعدة وداعش و السلفية الجهادية أو الحوثية العقائدية ، فهذا الإرهاب الذي تم القضاء عليه - كما يزعمون - ، جاءنا بدل عنه إرهاب ليس له معالم ، فهو ليس إرهاب من ذكرتهم سابقا ، أنه إرهاب أخر ، سفكت بسببه في عدن دماء غزيرة ولازالت ، هذا الإرهاب الذي زج في السجن بمئات الشباب أن لم يكونوا ألاف معظمهم لم يدانوا بدليل واضح ، هذا الإرهاب مازال بعض الصحفيين يكتبوا عنه وتلصق تبعاته بالأحزاب الإسلامية أو الشرعية أو العكس ، تحمل بعضها البعض المسؤولية المعنوية عنه ، وهذا النوع من الإرهاب هو الذي أمتد إلينا و صمتنا عنه بحجة - ان أمننا يعمل لمحاربة الإرهاب - .

أني أكتب عن إرهاب أخر ، إرهاب أخطر ، إرهابا متفشيا ، إرهاب ينال من البسطاء ، ويهدد البسطاء و الناس العاديين فقط .

إرهاب في عدن ولأهالي عدن التي كانت إلى وقت قريب مدينتي التي أعشق وأهوى وأهيم بها ، إرهاب في عدن التي كانت الآمال تملأ الناس فيها بأن التحالف العربي وتحديدا الأمارات ستأتي لإحداث تغيير جذري فيها ، في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبالفعل جاءت إلينا راعية لقوات تكافح الإرهاب - واي إرهاب ياترى - جاءت تكافحنا نحن البسطاء / مواطنين ومواطنات ....كنا نأمل في أن تعود عدن نموذج لعاصمة تسير بخطى ثابتة نحو التحديث والحداثة ،  لكن أصبح هناك  إرهاب عاصمة تشكو من الفقر والأمية والبطالة ، والتي كنا نأمل بأن نجدها - عدن-  التي أرتسمت في ذاكرتنا ، عدن الأمن والأمان ، عدن المحبة والتعايش والخصوصيات الجميلة التي تميزها طيلة عقود من الزمن -  ومع ذلك لست من ناكرات الجميل ايضا ، فالعهد الاشتراكي حقق فعلا نظام وامن لايستهان به  وحقق تقدما في عدة مجالات لايتسع الزمن لسردها الان  -  إلى أن جاء الإرهاب الجديد ، وحدث ماحدث في 28 يناير 2018م ، وكانت أمالي كبيرة في أن يحدث توافق سياسي بين الشرعية و المكونات السياسية التي تصارعت حينها ، ويلم  شملها التحالف العربي ، كل هذه الآمال لم تشفع باللا يكون في عدن إرهاب من نوع أخر .

 فماقيمة كل هذه الامال ،  حين يسلب الأمن والأمان منا ، ونشعر بإننا مهددون في كل نفس نتنفسه ، وكل خطوة نخطوها خارج بيوتنا - وربما في  داخل بيوتنا - ، ماقيمة الأمل والحلم والوعد و الخطابات و الافتتاحات و المساعدات والهبات والتبرعات ، حين ينتشر الرعب في أوساطنا ، بسبب تفشي ظاهرة الاعتداءات بالشاصات والمدرعات و الاطقم الاخرى وبالسلاح اي كان نوعه على الأبرياء ، اللذين واللواتي ليس لهم/ لهن قدرة على المواجهة ، حتى وان كنا قادرين/ ات على المواجهة من سنواجه ، بلاطجة منحرفين ، محششين ، محببين ..إلخ ، و يحملون أسلحة متنوعة و لايترددون في إشهارها وإستخدامها وإستعمالها ضد أي احد مسالم ، ضد حتى الشيوخ اللذين  يوجهون لهم النصيحة ، فماذا أسمي ذلك ؟ 

 أليس ذلك بإرهاب ؟.

 بالأمس قالوا لنا أن هؤلاء " كل من لديه شاصات ومدرعات واطقم اخرى .....وغيرها و أسلحة " تدربوا ورصدت لهم ميزانية ضخمة من الأموال لمواجهة الإرهاب ، وأستبشرنا خيرا ، بإعادة الأمن لعدن ، وبعد فترة زمنية لم نكن نتخيل ان تصبح هذه الشاصات والمدرعات والاطقم الاخرى والاسلحة و العسكر - اي كانت تسميتهم- تكافحنا نحن - الإرهابيين - ، تحاربنا نحن إغتيالا وإختطافا و إعتقالا و إغتصابا وإعتداءا و أصطداما ونهبا وسلبا وسبا وقذفا ...فنحن البسطاء صرنا- الإرهاب - .

فأجهزة الرعب مختلفة التسميات لم تعد تفرق بين المجرمين و المواطنين ، مادام ان المواطنين/المواطنات  لا أمان لهم/لهن يستظلون/ن به ، فلابد من مكافحتهم/ مكافحتهن. 

أين هو جهاز أمننا من كل طموحاتنا وتطلعاتنا بمستقبل زاهر؟ أين هو جهاز أمننا من تشدق ‏مسئولينا بأن الأمان والطمأنينة تنتشر في كل جنبات عدن ؟ أين هو جهاز أمننا من إرهابنا ‏، وقتلنا و إغتيالنا وإختطافنا وسرقة أموالنا و أغراضنا وأراضينا والاعتداء على معالمنا ومدنيتنا ومدينتنا في وضح النهار؟ ثم ما قيمة رصد الميزانيات وصرفها فيما لايخص الأمن ، ومكافحة الإرهاب  وإجتماع الوزير بالمدير ، و تصريحات الوزير والمدير ومشاركة المدير فعاليات مختلفة في المجتمع و تعيين فلان وعلان و تشكيل قوات امنية مختلفة ومتنوعة تحظى برعاية إماراتية عالية المستوى  - ماقيمة ومافائدة كل هذا ، أن كان الامن نفسه منعدما بين الناس/ المواطنين ؟ إذا كان امن المواطنين من أولويات همكم لقضيتم على هذه الظواهر السيئة أو على الأقل أنتبهتم إلى شكاوي المواطنين ، لكن كل همكم هو ذر الرماد في العيون ، عبر بهرجت وتزيين الواجهات ، أما الداخل فهو متعفن فاسد ، ينذر بتفشي الظواهر السيئة وإفساد كل شيء .

إنني لا أتحدث عن أحداث معزولة هنا أو هناك في عدن  إنني أتحدث عن ظواهر تفشت فيها ،  أتحدث عن التعرض للمواطنين في ‏وضح النهار وتهديدهم بالسلاح ، وقتلهم  وجرحهم والاعتداء عليهم ....إلخ ،  وحين ‏أقول إنها ظواهر ، فإنني لا أبالغ ، فكثير من الناس تعرضوا  لهذا الإرهاب وألتزموا الصمت ، خوفا من تلفيق الاتهامات لهم/لهن وإخفائهم/ إخفائهن .

هذا كله ولا من يحرك ساكنا في جهاز ‏أمننا الذي يظهر أنه انشغل بإلقاء القبض على أصحاب اللحى وخطباء المساجد ، وأنشغل بحراسة الفنادق ،‏  وبيوت قادة الأمن والجماعات المسلحة و بعض المسئولين الكبار في معاشيق ، وتجار المخدرات ، وفي موكب القادة ، وبعض النقاط التي لا معنى لوجودها ، وبعض الاراضي التي تم الاستيلاء عليها و بعض البيوت التي تم إقتحامها ،  والعشوائيات التي يتم بناءها في جوف المعالم الاثرية ....وماخفي كان أعظم .

وترك المواطن في عدن ، لمواجهة ‏المجهول ...لانه إرهابي 

أين أنتم ياحكومة الشرعية و أجهزة الأمن ، ويامن تزعمون بتفويض الشعب لكم ، يا قوات الدعم والاسناد ومكافحة الإرهاب والحزام الامني وكل الجماعات المسلحة التي تحت رعاية التحالف العربي ...وغير التحالف العربي.

أين انتم ؟ لتنددوا بهذه الظواهر التي ستحصد كل شيء جميل ؟ أينكم لتنددوا بظواهر خطيرة ستحصد الأخضر واليابس؟ ‏

ستقولون إنها ليست ظواهر ، بل هي تصرفات " إعتداءات فردية  على المواطنين العاديين " ، وهي ظواهر معقدة مرتبطة بما هو ‏اقتصادي واجتماعي وسياسي... إلخ. وككل مرة ستقولون لنا إن ما أفسد في ٣٣ عاما في العهد ‏السابق  يستلزم وقتا طويلا للخروج بعدن من الصدمة ، التي أصبحت فيها ، وتقولون كل أولئك - ممن ذكرت من القوات والجماعات المسلحة- ، هم ‏حراس أمنكم وهم دائما في خدمتكم ، وحمايتكم من الإرهاب الملتحي ذو الراية السوداء ‏، نحن نعجز عن شكركم تجاه ذلك الأمر..

لكن لماذا تحولت كل تلك الاجهزة الامنية والجماعات المسلحة بكل مسمياتها ، إلى جعل المواطن إرهابي ؟ و اصبح نضال البسطاء من أجل لقمة العيش والحفاظ على حفنة كرامة و قليل من الشرف وقول الحق  ....إلخ  هو  إرهاب .

عليكم أن  تفيقوا من غفلتكم  تلك ...

فيا من لا يهمهم من مناصبهم في جهاز الأمن و الجماعات المسلحة - اي كان تسميتها ورعايتها- سوى البذلة الرسمية ‏والسلطة لاستغلالها قصد تحقيق المصالح الشخصية. أفيقوا وتوقفوا عن ترديد عبارة: ( انا ومن بعدي ‏الطوفان) .

 إن المسألة ترتبط بوطن ومواطنين يعيشون تحت راية دولة يجب أن يكون من أولويات ‏أولوياتها تثبيت الأمن والأمان والسلام ...

" قبل أستعادة دولة الجنوب ، وقبل الفيدرالية بأقليمين او بالستة أقاليم أو حتى بالوحده ".  

" على روحك السلام... يارأفت "

مقالات الكاتب