حرب بين الحروب
"لن نسمح بتهديد تفوقنا العسكري في المنطقة"، قال مسؤول عسكري إسرائيلي. يلتقي البلدان، إسرائيل وسوريا،...
عبد الله العديني شخصية مضطربة نفسيا وسلوكيا. توصلت لهذه القناعة قبل أربعة أعوام على إثر الاشتباك الذي وقع بيننا. كان فاجرا ومجنونا حتى إنه نال من الراحل "دوكم" على المنبر لأنه نعتني بالصديق في تدوينة. رأيته بعد ذلك يدور في الفيس بوك مثل القطة في موسم المحن، يبحث عن أي قربان يقدمه لمعبوده. هو النسخة الجهرية من أبو العباس. تقديري أنه، في جنونه، إنما يخوض صراعا مع حزبه السابق "الإصلاح".
يريد أن يقول لحزبه أنا قوي من دونك، وباستطاعتي أن أصل إلى ما لم تصل إليه. استخدمه حزب الإصلاح في السابق ليكون محاضرا في مخيماته "الدعوية" التي كان ينصبها في كل اليمن. أرضى ذلك التقدير الروح الظامئة التي تسكنه، وجوعه المزمن لأي قدر من السلطة. إذ كان الحزب يحشد له الطلبة والموظفين من محافظات عديدة، وكان يحصل على ما يريده: الشرف والتقدير. لقد منحه الحزب سلطة روحية مستدامة جعلته يسقط ضحية لها.
فبعد عقود عديدة قرر حزبه التخلي عنه كي لا يورطه مع النخب والأحزاب الأخرى. ويبدو أن مساهمة العديني الفاعلة في حملة مناهضة "مخرجات" الحوار الوطني كانت هي لحظة افتراق الطرفين. كان افتراقا صامتا خضع فيه الحزب لابتزاز الشيخ ولم يتجرأ على إصدار بيان حالة يوضح فيها موقع الداعية الراديكالي، وعضو كتلته البرلمانية، من الحزب. يتمتع الرجل بوزن قانوني، كونه برلمانيا، وجماهيري من خلال تحكمه بواحد من أهم مساجد تعز.
جرت هذه المخاتلة المتاعب على حزب محاط بالمتاعب من كل جانب. مضى الرجل في طريقه يتصدى لكل ما يعتقد أنها مشاكل تمنحه الفرادة والخصوصية، كما تتيح لحزبه السابق رؤيته وهو في قمة بأسه وحضوره ليعلم قادته "أي رجل أضاعوا". تجاهل الحصار والحرب الحوثية على تعز، فتلك معركة لا توفر له الفرادة. انصرف، بدلا عن ذلك، إلى معاركه ونجح فيها. لا يقلقه نعته بالإرهابي أو الراديكالي، ولا يتبرأ من حزبه.
بل يقول إن حزبه هو من حاد عن "طريق الإخوان" وليس هو، كما في محاضرة شهيرة. يبدو جاهزا لمساومة "الحزب"، والعودة إلى سلطته القديمة مقابل أن يتخلى عن معاركه الدينية. إذ أعلى ما يصبو إليه هو استعادة سلطته السابقة أو استبدالها بشكل آخر للسلطة يجعله في المركز.
ذلك ما يتلقاه أي متابع لصفحة الرجل. داخل الحزب نال الرجل سلطة أخلاقية رفيعة ملأت دماغه ب"الدوبامين"، وهو مادة كيميائية تلعب دورا في استقرار نشاط الدماغ ويسبب نقصها أعراضا انسحابية مرة. نشاهد، في الحالة العديني، مدى الاضطرابات التي يعاني منها الشخص بعد حرمانه من "كيمياء" السلطة والتقدير.
م. غ.