ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
هو ما تبقى لنا من الأمل، هو ما تبقى لنا من الدولة، ألم تروا صبيان السياسة كيف نفشوا في واحات الوطن الجميلة؟ لم يتبقَ لنا خاصة في هذه المرحلة إلا التمسك بهادي، فهو رمز الدولة، وهو عين العدالة للجميع، وهو من أحب الجميع، وأحبه الكل، ففي طلته الأمان، وفي بقاءه الأمل لعودة الدولة التي بدأت تعود شيئاً فشيئاً، ولا يرى ذلك إلا أولو الألباب، أما الذين لا تزن عقولهم حبة خردل فلا يعلمون من ذلك إلا مصالحهم الآنية.
هادي أمل المرحلة، وطوق النجاة، فإليه تنتهي الحلول، وهو كل يوم يقدم لنا جديداً لاستقرار البلاد، رغم تكالب الداخل والخارج عليه، فالكثير من القوم لا يعلمون قيمة وأهمية هادي، فهو قبس في ليل مظلم، ليل حالك شديد الظلام، فالتمسوا ذلك القبس، ليضيء لكم ليلكم المظلم.
إن الناظر لهذه المرحلة بكل تفصيلاتها، وتقلباتها، يعلم أنها من أصعب مراحل اليمن، وأخطرها على الإطلاق، ولا نرى لها حلاً إلا التمسك براية هادي الذي يقود المرحلة بكل اقتدار، فكلما ظن الجميع انزلاق البلاد لمنزلقات خطيرة فرمل هادي المرحلة، وسلك بالوطن طريقاً سليماً، فالحياة في عهده تعود شيئاً فشيئاً، فشتان فيما مضى وما نحن عليه اليوم، فالحياة قد استقرت، والكل تنفس أمنه، واستقراره، فالمعاشات عادت لطبيعتها بعد تحسنها في عهد هادي، فالرواتب تضاعفت، والشباب تركوا مربع البطالة، وأصبحوا عاملين وفاعلين في هذا الوطن، وهياكل الدولة عادت من جديد، فالبنوك عادت لمزاولة عملها، والمدارس والمعاهد، والجامعات عادت كذلك، وعادت المستشفيات، وزاولت المطارات والموانئ عملها، فالجاحد هو من ينكر ذلك، هناك بعض القصور في بعض المرافق، ولكن هذا يحصل وفي أرقى البلدان، ولكن القادم أجمل، بإذن الله.
دائماً يحن الواحد منا للماضي، ولا نرتاح للحاضر، فقد يكون الماضي حلواً، ولكن الحاضر أحلى، فإن انقضى ذلك الحاضر، وولى فبكينا عليه، فما يغني البكاء ولا حتى النحيب، وهذا حال الكثير من فئات الشعب التي لا ترعوي عن سب المرحلة، ولا ترتدع عن عدم الرضاء بما هي فيه اليوم في عهد هادي، فالراية مازالت مرفوعة بيد هذا الرجل، ولكنهم يريدون إسقاطها، وإن سقطت سقط المهرولون، وترنحوا بين التشرد والضياع، وبين النزوح، واللجوء، وفقدوا وطناً سهر عليه هادي ليؤمنه، وتحمل كل شيء ليناموا فيه بسلام، وطاف العالم ليستقر المواطن في بلده يأكل ويشرب، ويتنعم بخيرات وطنه، فمجرد وجودك بين أولادك آمنين، ومطمئنين نعمة من الله، مجرد حصولك على رغيف خبزك وخبز عيالك نعمة من الله، مجرد معافاتك وأنت في وطنك نعمة من الله، وصدق رسولنا حين قال: من بات آمناً في سربة، معافى في بدنة يجد قوت يومه وليلته، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
اعتبروا يا أولي الألباب: والتفوا حول ولي أمركم، ولا تلعب بكم فرقعت الدراهم، والريالات، ولا ترقصوا على أنغام الفتنة، فهي نائمة، وإن إيقظتموها صرخت في وجوهكم، وشردتكم أيما مشرد، وتمنيتم أن تشتروا بكل الدراهم ليلة أمن واحدة، ولن تجدوها، وإن بذلتم لها كل ما معكم، فالوطن اليوم بخير، ولكن على الجميع الالتفاف حول هادي، فبه بعد الله سنبني وطننا، وسيذهب المرجفون في الأرض، وسيعم الأمن والأمان، فالبلدة طيبة، والقائد حكيم، فتمسكوا به، ولن يخذلكم، فهو صادق صريح، ولن تجدوا منه إلا ما يبلغكم الأمنيات.
أيها السادة: عزتنا في وطننا، وذلنا وهواننا في أن نكون مجرد أدوات بأيدي الخارج، فكلما سخرنا الخارج لخدمته، واتقنا له العمل، أغدق علينا بالمال، وإن أغضبناه صب علينا ويلات غضبه، فلنتمسك بوطننا، وبولي أمرنا، وسنعيش مرفوعي الرأس، وإن أبينا ذلك، فشواهد الذل، والتشرد حولنا كثيرة، فهل من معتبر؟ هل من عاقل؟ هل من يشكر ما هو فيه من نعمة؟ فالله تعالى يقول: ( ولئن شكرتم لأزيدنكم)، خلاصة القول، وزبدته، تمسكوا بهادي، وضعوه في حدقات العيون، وسلامتكم.