ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
عدن مجروحة، عدن اليوم حزينة، فأبناؤها ضحية الصراعات، وجثثهم ممزقة، في كل مكان، والعدو يتشفى بأنينهم، ويلهو بأوجاعهم، ويتبجح بانتصاراته على جثثهم، اليوم عدن تبكي، اليوم عدن حزينة.
عدن تفقد خيرة رجالها، وشبابها، وقادتها، فلو رأيتم اليوم جوها، فجوها كئيب، وحزين، ترى في وجوه الناس الحزن، وتقرأ في حديثهم القهر، فلم يتركوا لها مكاناً لتأمن فيه، ولم يتركوها تفرح بعيدها، حتى فرحة العيد استخسروها على عدن، فقتلوا شبابها، ودمروا كل جميل فيها، أما آن لعدن أن تفرخ؟ أما آن لها أن تودع الحزن، والقتل، والبلطجة؟ أما آن لها أن تودع حملة السلاح، والسيارات المجهولة، ودراجات الرعب؟ أما آن لها أن تأمن من شر الأشرار، وكيد الفجار؟ أما آن لها ذلك؟
عدن ثغر اليمن الباسم، اليوم هي عين الجنوب الباكية، هي دمعة الحزن، وهي الصوت المبحوح، والقلب المجروح، عدن كل يوم تودع العشرات من فلذات كبدها، ومازالت صامدة، ولكنها حزينة، فلو رأيتموها اليوم لهزكم منظرها، فهي تتوجع لمقتل شبابها، وتناثر أشلائهم، أبرياء في الشيخ، والبريقى، فما أقسى من يضرب من آوته في يوم من الأيام، وبسطت له كل شيء لتسعده! فاليوم كل الحقد مصبوب على عدن، فالكل هجرها، والكل تركها، ولكنها بقيت مع الأبرياء، والشرفاء فيها، فبقي فيها إلى جانبهم لآم القوم، فهم من الداخل ينحرونها، ويتغزلون بقتلها، وتعذيبها، فإن رأيتموها اليوم، لرأيتم حزنها الذي كساها، لمقتل أبنائها، فارفقوا بها، ألا يكفيها حزن؟ ألا يكفيها بؤس؟ ألا يكفيها ما تعانيه من حرمان؟
عدن اليوم حزينة مجروحة، فهل هذه هي آخر أحزانها؟ هل هذه هي خاتمة الأحزان؟ هل هذا هو خريف عدن الذي سيأتي بعده ربيعها؟
عدن الحزينة، قتلها الحمقى الذين تنعموا بنعيمها، وتمرقوا بكل لذيذ فيها، فإن تفحصتم محياها اليوم لساءكم منظرها، ولبكيتم عليها، وعلى ماهي فيه من حزن، فقتلاها اليوم بالعشرات، وجرحاها بالعشرات، فهي منهكة حزينة، مجروحة، فمن سيعيد لها ابتسامتها؟ فهي اليوم عين الجنوب الباكية بعد أن انتزعوا ابتسامتها.