ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
قضية الجنوب قضية عادلة، فلا تحملوها وزراً هي في غنىً عنه، لا تظلموا المساكين باسم القضية، فمن قتل الأبرياء هم من يحملون المشاريع الناقصة من الشماليين، فلا تحملوا القضية ظلم الأبرياء، فقولوا لي: ما ذنب المساكين؟ وماذنب الشقاة؟ ماذنب رعاة البسطات؟
حرقتم البسطات، فحرقتم قلوب المساكين، ظلمتم المساكين، فنلتم من أطفالهم، فاتقوا دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، قد يتأخر النصر بسبب الظلم، وقد يعم الله البلاد بعذاب بسبب الظلم، فلن تنتصروا بسيف الظلم، لن تنتصروا بترك العدو الحقيقي الذي يضربكم بالصواريخ، والتشبث بعدو وهمي، رأيتموه يجلس في بسطته، فأحرقتموها، ورحلتموه، بينما العدو الحقيقي يواجهكم في الجبهات، ويربض في معسكراته بين أظهركم، فلماذا هذه الفزعات الكاذبة.
أيها الجنوبيون: العدو الحقيقي هو فرقتنا، وسبب هزيمتنا في كل جولة هو فرقة الإخوة، وعدم وحدة الصف، فتوحدوا، وبسيف وحدتكم ستنتصرون، ولن يأتي النصر من بين ركام البسطات المحروقة، ولا من بين زحام المرحلين على دينات القهر، ليعودوا تهريباً، وبمهربين مهرة، وستعود المأساة مرة أخرى.
ثقوا أن دولتكم لن تأتي، وأنتم تكسرون جناح الضعفاء الهاربين من جحيم الحرب، ليجدوكم بانتظارهم لحرق أحلامهم، وترويعهم.
أيها الجنوبيون: نحن اليوم مازلنا دولة واحدة، تحت علم واحد، ورئيس واحد، وعملة واحدة، فراتبنا يخرج من حيث تخرج مرتباتهم، وبطائقنا، وجوازاتنا تحمل نفس الشعار، ونفس الدولة، ولا يعمل هذه الإجراءات التي تقومون بها إلا من امتلك دولة مستقلة، ولا يعمل هذا إلا وفق قانون، فمتى سيبلغ أولئك النفر رشدهم السياسي؟
نظرت إلى إخوتنا وهم في سيارات الذل، والقهر، فلم أصدق ما يحصل لإخوة لنا في الدين، والوطن، واللغة، والنسب، فكلنا يمانيون، ولكنها قهرتنا الحروب، رأيتهم محملين في سيارات الفرقة، والتشتت، ليطردوا من وطنهم، بينما الأفارقة يفترشون الوطن، فيا سبحان الله!
إن الحرب على المساكين، وانتزاع لقمة عيشهم، وإحراق أحلامهم، لن يورث لنا إلا الأحقاد، وسيطمع البلاطجة في استقلال هذه الفوضى، وسيمارسون بلطجتهم باسم استعادة الوطن، وسينهبون كل من ينتمي للمناطق الشمالية، وإن استمر هذا الظلم ضد إخوتنا من أبناء المحافظات الشمالية، فإن الوطن الذي نبحث عنه سيظل بعيد المنال، فإن أراد الجنوبيون نصرهم، ودولتهم، فهاهي بين أيديهم، فليأخذوها من بين أنياب الظالمين، لا بممارسة الظلم ضد المظلومين، فتصوروا معي صاحب البسطة الذي انتظره أطفاله ليعود لهم بكسوة العيد، ومصروف العيد، وأضحية العيد، تصوروه وهو يعود لهم، وقد سلبوا منه مصدر رزقه، بل وأحرقوه، فلا تنتظروا ممن يمارس الظلم بأن يأتي لكم بشيء، فلقد رأينا العبرة في الذين ظلموا الجنوبيين من المتنفذين الشماليين، فكيف كانت نهايتهم، فلقد التهمهم ظلمهم، وابتلعهم كبرهم، فالموت كان مصيرهم، والتشرد مآلهم، فاعتبروا يا أولي الألباب.
أيها الجنوبيون: حتى وإن انفصلنا، فماذنب المساكين، فليبقوا وليعملوا وفق قوانيننا، شأنهم شأن العمالة في دول الخليج، فلا تصبوا جام غضبكم على المساكين والشقاة، والضعفاء، فلربما أخَّر ظلمكم هذا استعادة الدولة سنوات عديدة، فتنبهوا، ولا تحملوا القضية، وزراً هي في غنى عنه.