ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
لو أتى آخر الشهر ولم يتحصل الموظف على راتبه، فسيلعن الموظف من كان السبب في غياب راتبه، فشعار لن يؤكلني رغيف خبز، طز فيه، وألف طز، فمعدة فارغة لا تستطيع حمل الشعار، ولا تستطيع تحريك اللسان بهذا الشعار، معدة فارغة تعني الموت جوعاً، تعني لا حياة، فمن جاء الشعب بشعار، ولم يوفر له متطلباته، فليرحل بشعاره غير مآسوف عليه.
لو انطفأت الكهرباء، وغاب نورها فسيلعن الصغير، والكبير، والرجال والنساء والذكور والإناث كل الذين كانوا السبب في غياب نورها.
لو تعطلت الوزارات، وغاب عمال النظافة، وتكدست القمامات في الشوارع، وفاحت الروائح من كل حي، فسيبصق المواطن على من كان السبب في ذلك.
إن افتقدنا الدولة التي تلمسناها في الآونة الأخيرة، وعشنا التقدم فيها خطوة خطوة، وترتبت في فترة حكمها الوزارات، فلن يلوم الشعب إلا الذين احتلوا مؤسساتها، وطردوها.
لو افتقدنا الجواز للسفر بمرضانا، وجرحانا للعلاج في الخارج، فلا بارك الله في شعاراتكم.
خلاص شبعنا شعارات، شبعنا كذب، شبعنا دجل، معكم لنا أمن، وراتب، وكهرباء، وماء، ونظافة، وصحة، وتعليم، تعالوا، واحكمونا، وإذا ما عندكم، ارحلوا، واتركوا من وفر لنا كل ذلك، اتركوهم، فهم أدرى بطرق تسيير الأمور.
حشود ومليونيات لم تغنِ بالأمس عن صالح شيئاً، فكلما كثرت الحشود دلت على فشل كبير، فالشعب لا يريد أكثر من أمنه، ورغيف خبزه، وكهرباء، وماء، وصحة، وتعليم، ونظافة، وحرية، وهذه هي الدولة إذا أنتم تفهمون، أما الشعارات، فعمرها ما أقامت دولة.
نريد الدولة التي أعادت لنا الأمل في الأمن، وأعادت لنا معاشاتنا، ورتبت وضع الكثير من المسرحين، واستوعبت الشباب، ووفرت الخدمات، نريد دولة قد ألفناها، وأسست لكل جميل، فهل كُتِبَ علينا أن نعيش فترة الصراعات للبحث عن الدولة؟ نريد دولتنا التي بدأت تتلمس احتياجاتنا، أما الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع فلا حاجة لنا فيها، فمن حمل لنا شعاراً ليس في طياته رغيف الخبز، والخدمات، فهو رد.