ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
نسمع اليوم عن تقدم قوات الشرعية من جهة شقرة، دبابات تزحف من جهة شقرة، ودبابات تتمترس في زنجبار، وعدن، فمن يوقف هذه الحرب القادمة؟ من يوقف قادتها عند حدهم؟ من ينبري ليدعوهم للسلام؟
أتوجه أنا أنور الصوفي، بالدعوة الصادقة للطرفين لتحكيم العقل، والجلوس على مائدة الحوار، فما أجمل صورة فخامة الأخ الرئيس يوم أن رأيناها، وهي تتوسط صورة عيدروس الزبيدي، وشلال، كم رسمنا على ضوئها من أحلام، وكم تمنينا أن تترسخ العلاقة، ويتعاون الجنوبيون كل الجنوبيين لبناء مستقبلهم، وبلدهم، ودولتهم، ومحافظاتهم.
كم أسعدتنا صورة الميسري وهو يقف إماماً لأخيه شلال، فحلمنا بدولة التسامح، والإخاء، والمحبة، حلمنا بدولة لا نرى فيها المسلحين، ولا نسمع فيها عن الخلافات بين الجنوبيين، كم راودتنا الأحلام الوردية، ونحن نسمع عن تصريحات لبن بريك، والزبيدي عندما يقولون: نحن مع شرعية الرئيس هادي.
واليوم نخاف من تلك الحشود العسكرية الجنوبية، الشمالية التي جاءت لتدمير الجنوب، ونخاف من تلك الحشود المضادة التي تقف للدفاع عن عدن، لتتدمر عدن تحت سلالسل دبابات، ومجنزرات أبنائها الجنوبيين، فأين العقلاء لينقذوا الجنوب من الدمار؟ فعدن، وأبين على موعد مع الدمار، والدم، والخراب، والتشريد، والنزوح.
أليس الأحرى بهذه الحشود أن تتوجه صوب الحوثي في صنعاء؟ ألم تقم الحرب، ويتحالف العرب لصد الحوثي، وعودة الشرعية إلى صنعاء؟ فلماذا هذه الحشود العسكرية تتوجه صوب عدن؟ لماذا هذه الحشود التي تستعد لمجابهتها في عدن؟ ألم يكن عدونا واحد؟ ألم يكن عدونا هو الحوثي؟ فلماذا تغيرت الحرب لتحصد الجنوبيين؟ فأين الراشدون، وأين العقلاء ليمنعوها؟
عدن، وأبين اللتان ما أن تخرجا من حرب حتى تدخلا في أختها، عدن، وأبين اليوم مع حرب قد لا تبقي شيئاً في المدينتين الجميلتين، وقد تغير ملامحهما، فحرب الإخوة أشد من حرب الغرباء، واليوم عدن، وأبين على موعد مع حرب الإخوة الجنوبيين، فأين الراشدون ليتدخلوا لوقف إشعال فتيل الحرب القادمة؟
دعوة أوجهها أنا أنور الصوفي، ودعوتي مجردة من كل انتماء سياسي، أو حزبي، أو مناطقي، أو جهوي، ومكسوة بحب هذا الوطن المثخن بالجراحات، دعوتي لفخامة الأخ الرئيس، وللعقلاء من الجنوبيين المنضويين تحت مظلة شرعية هادي، أقول لهم فيها: عدن، وأبين لم يبق فيهما إلا الدمار، فتدمير المدمر خراب يضاف إلى خراب، ونفس الدعوة أوجهها لقادة المجلس الانتقالي، وللعقلاء فيهم، وأقول لهم فيها: أن تعقلوا، وعليكم بالحوار، فلا مجال لكم إلا الحوار، ولا طريق إلا الحوار، وإلا ستسقط عدن، وأبين في فتنة الحرب، وستجر الحرب أذيالها على كل الجنوب، وبعد أن تعم الحرب، ويتوزع خرابها على كل الجنوب، سيجلس الطرفان ليحصوا قتلاهم، وسيبكون على تلك الدماء التي سفكت، وسيعم الحزن، وبعدها سيمتثل الكل لمنطق الحوار، فدعوتي للجميع، للعقلاء، وللمجانين، وللمهووسين بالحرب، أقول لهم فيها: دعوها فإنها مدمرة، وإن شبت نارها هذه المرة، فستحرق الأخضر، واليابس، ولن يخرج من بين نيرانها إلا المهزومون، سيخرجون وهم يجرون جراحاتهم، وآلامهم، وندمهم، لأنهم لم يحكموا صوت العقل، فليتعقل الجميع قبل أن يشتعل بركان عدن، فإنه لو اشتعل، فسيلتهم الجميع.
دعوتي هذه إن لم يستجب لها الطرفان، فسيصم آذاننا عويل الأرامل، وصيحات الثكالى، وستحرق أكبادنا نظرات اليتامى، والمعاقين، وسنلعن الحرب، وسنحلم بالسلام، ولكن بعد فوات الأوان، اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.