ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
تتفاوت الناس في حظوظهم، فأحدهم حظه المال، وذاك حظه من الدنيا الفقر، والتعب، وآخر حباه الله بالشجاعة، وقول الحق وفي أصعب المواقف، فهذا هو أحمد بن أحمد الميسري الذي يزأر ويصرح بقول الحقيقة، ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
عُرف المهندس أحمد الميسري بصراحته، وشجاعته، فهو المسؤول الذي لم يخشَ على منصب، ولم يداهن ليمتلئ جيبه بالدراهم الممهورة بالذل، ولكنه صدع بقول الحق، ولم يداهن، ولم يبع سيادة وطنه.
اليوم الميسري يزور هنا، ويتفقد هناك، ولم يجلس على مائدة توزيع المناصب في الرياض، ليفوز له بمنصب في وزارة، أو سفارة في الخارج، فهو يعمل وفق توجيهات قيادته السياسية، ولم يحد عما رُسم له، فالرجل يفضل العزة يكسوها الفقر، والعوز، على مكانة رفيعة محاطة بالذل والمهانة.
أحمد الميسري لن أتكلم اليوم عنه بصفته الحكومية، ولكن حديثي سيكون عن صفة عرف بها الميسري بين أبناء وطنه، ألا وهي العزة، والشموخ، والانتماء الوطني، لم يداهن على سيادة وطنه، وكره المنبطحين في طريق المهرولين نحو السيطرة على سيادة الوطن، فالميسري رجل صلب، وعنيد، وشجاع، ولن يسكت عن أولئك الذين سال لعابهم عندما رأوا أبواب الوطن مشرعة لهم.
أحمد بن أحمد الميسري قيادي محنك، ومسؤول نادر، ومتحدث بليغ، ورجل صلب، وجسور، لا يسعى للمناصب، لهذا تراها تلهث خلفه، فمن محافظ لمحافظة أبين، إلى وزير للزراعة، إلى أن تقلد منصب نائب رئيس الوزراء، ووزيراً للداخلية، ولم يشطح بمنصبه، ولم يستمت على منصبه، عندما تأتي التغييرات، لأنه يعلم أن التغيير سنة الحياة، فسرعان ما يترك منصباً، حتى تتداعى المناصب لتتشرف به، فتحية لابن الميسري تصله حيثما حل وارتحل.
اليوم الكل يحلل، والكل يصنف الوزراء، ولم يذكر المصنفون للميسري مكاناً في الحكومة الجديدة، ونقول لهم: المهندس أحمد بن أحمد الميسري، لا تهمه المناصب، بقدر حبه الكبير لسيادة وطنه، فلو تحققت السيادة للوطن، فسترون الميسري يبحث له عن راحة بين تراب وطنه، فالمناصب في نظره تكليف لا تشريف، فلا ترهقوا أنفسكم مع هذا الرجل الصلب، والثابت، والشامخ كجبل فحمان الأشم.