ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
العميد الخضر الشاجري، يخجلك بتواضعه الجم، فعندما تجلس مع هذا الرجل تجده موسوعة في كل شيء، فلو جلست معه، فيجب عليك ألا تضيَّع دقيقة من وقتك، واجعل لك ورقةً، وقلماً، وإن لم تجد من ذلك شيئاً، فلتكن آذاناً صاغية لتسمع له، فما يقوله الشاجري، لا يخرج عن حكمة تتمثل بها، أو أبيات شعرية جميلة تطرب لها، أو تاريخاً يرويه لك ذلك الرجل المتشبع بالتاريخ، فكم من عنوان قد أخذته لمقالاتي من بين ثنايا حديثه.
لا أخفيكم إعجابي بمثل هذه الشخصيات الوطنية، والكبيرة، فمثل العميد الخضر الشاجري( أبو سالم) لا تمل سماعه الأذن، ولا تمله العين، ففي جلسته تواضع، فلو التقيته، لأجلسك معه في أي مكان، تحت شجرة، أو فوق سوم، وبدون تكلف، فتزول الكلفة بينكما، ولا تسمع منه إلا لآلئ تُنثر هنا، وهناك، فلو كان للكلمات الجميلة، والعبارات المنتقاة مجمع لكان العميد الخضر الشاجري مجمعها، فكلامه درر، وحكم، فهو مدرسة جامعة منها نستذكر التاريخ، ومن ذاكرته نتتبع حقائق ربما غابت عنا، فيكشفها لنا العميد الخضر الشاجري.
تحدثنا مراراً، وتكراراً عن دثينة، وقلنا إنها مصنع، ومنجم الرجال الرجال، والعميد الخضر الشاجري أحد رجالها الذين يبحثون دائماً عن الخير لتنميته، فقد كانت لي أيام معه بعد تحرير لودر من الحوثيين، وقد أصرَّ على إصلاح الكهرباء، وفي وقت قياسي، وبالفعل حقق للمنطقة مالم تكن تتوقعه، فكان يدور بنفسه مع عمال الكهرباء، وكان يتابع فريق نزع الألغام، وكان يداعب الجميع بابتسامته، ليضفي على عملهم المرهق شيئاً من الراحة، والترويح عن النفس.
كان يداعب جنوده، في مراكز خدمتهم، وعندما نذهب عنهم كان يلتفت إلينا ويقول: تركوا بيوتهم وجاءوا ليحموا منطقتهم، ألا يستحقوا منا هذه المداعبة، كان بعيد النظر، فببسمة، أو كلمة طيبة تزرع في جنودك معنويات قد تناطح بهم قمم الجبال، فالعميد الخضر الشاجري، جمع بين القائد الحكيم، والإنسان الطيب، والقلب الكبير لكل من حوله، فهو محبوب من الجميع، فلو لم تجلس معه، فقد فاتك الشيء الكثير، ومن جالسه، وسمع منه سيعلم حقيقة ما قلته فيه، وهو قليل في حقه.
وستكون لنا في قادم الأيام -بإذن الله تعالى- كلمات في رجال دثينة الذين جعلوا همهم الأول، والأخير خدمة منطقتهم، ووطنهم، وهم كما تعلمون كثير، ونسأل الله التوفيق للإحاطة بهم جميعاً.