ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
صدمني رجل يقوم في أحد مساجد عدن، ويتوجه للمصلين، ويطلب منهم مساعدة لدفن أحد أقاربه، قائلاً: صرفنا الذي تحتنا والذي فوقنا في العلاج، ولكن الموت كان نهاية مريضنا، والآن أطالبكم بحق الكفن، والقبر، وفوجئت بأن حق القبر يصل إلى ثلاثين ألف، حسب المقبرة، ولم أكن أدر بأن للقبور قيمة، فتساءلت عن هذا الأمر، فرد على سؤالي أحدهم قائلاً: هناك مقابر سبعة نجوم، ولو ما عندك حق القبر، فلا تفكر في الاقتراب من المقبرة، واتخلص من الجثة، بطريقتك الخاصة.
صدمت مما سمعت، ألهذه الدرجة اليمني معذب؟ ألهذه الدرجة اليمني محروم في الدنيا، ولم يجد له قبراً يؤيه في حياته البرزخية؟
راجعت حساباتي، وتحدثت مع صاحبي، فقلت له: يعني كل واحد يعد له مبلغاً من المال ليتحصل على كفن، وبقعة مترين في متر، فكل حي عليه تجهيز مئة ألف ليتحصل له على غرفة، أقصد قبر في مقبرة من مقابر عدن السبعة نجوم.
قد يقول قائل: يا أخي هذا حق حارس المقبرة، والحفار، والماء، والكهرباء، أقول له: فأين الحكومة؟ ألا تستطيع توفير أراضي لدفن اليمني بعد موته؟ أقل شيء تكريماً له على كفاحة في مقاومة الفقر، والمرض، والانطفاءات للكهرباء، وقطع معاشه، وغيرها من مآسي الحياة، فكرموه بعد موته بقبر، مجرد قبر.
سؤال: متى سنرى القبور في بلادنا بالمجان؟ بالله قولوا لي: هل سيموت اليمني ويجد له قبراً، وبالمجان؟
لو تعاونت الحكومة، والتجار، واشتروا أرضية كبيرة، وسوروها في كل مديرية في المدن الكبيرة، كم ستكلف؟ خلوها مليار يمني، فهل الحكومة والتجار لا يستطيعون دفع هذا المبلغ؟ إذا لم يستطيعوا دفع المبلغ، فليخصموا مبلغاً من راتب كل موظف، وليطلقوا عليه خصم تكريم اليمني بعد موته، مثلما كان يخصم للطفل اليمني الذي لم يكبر، أو كخصم الشجرة، ويكون هذا المبلغ لشراء قبور شعبية لليمنيين، وليست مقابر سبعة نجوم، فهل سنسمع عن انتهاء أزمة القبور في عواصم المدن اليمنية؟