ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
ورد في الحديث، << ... وماله من أين اكتسبه، و... >> وأنا أقف على هذا الحديث، نظرت في أحوال قادة الألوية الذين يخصمون رواتب جنودهم، فقلت، أيعقل هؤلاء القادة لم يقرؤوا هذا الحديث؟ فاستبعدت هذا الأمر، فهم يقرؤونه، ويسمعونه، ولكن الدنيا أعمت أبصارهم، ولا يفكرون إلا في مشاريعهم الفانية، كبناء الفلل، والعمارات، وظن المساكين أنهم مخلدون فيها.
جاء الراتب، ولكن القادة لهفوه، شفطوه، شكروه، خصموه، سرقوه، هذه عبارات الجنود الذين تواصلوا معي، وهم يرفعون شكواهم إلى الله، قالوا في مجمل شكواهم، رفعنا الشهر الماضي رسالة لفخامة الرئيس عن خصمهم لمبلغ يتجاوز ال15 ألف، فسمعوا بشكوانا، فزادوا الخصم هذا الشهر، فوصل إلى ال25 ألف، وعيني عينك، وظهر أحمر، وكأنهم يقولون: والله لن يستطيع إنصافكم أحد، ولهذا رفع الجنود شكواهم لمن لا يغفل، ولا ينام، رفعوا شكواهم إلى الله، وفي طياتها، اللهم دمر أحشاءهم، وقلوبهم، واجعل فللهم، وعماراتهم، وبالاً عليهم، هكذا ردد الجنود، وبدوري رفعت شكواهم لرئيس الجمهورية للمرة الرابعة، أو الخامسة، لا أدري، فقد ناشدنا القيادة مناشدات كثيرة، فإن لم يغير الرئيس القادة الذين يخصمون معاشات جنودهم، فلا تنتظر النصر يا فخامة الأخ الرئيس، فالنصر رديف العدل، فمتى تحقق العدل، جر النصر بناصيته، فاضربوا بقراراتكم على وجوه من يخصم معاشات جنوده، ولو وصل الأمر بتغيير كل القادة، نعم كل القادة.
القادة الشرفاء كثير، فليس من المعقول الإبقاء على من يأكل رغيف البسطاء، فالعسكري قده يضرب القملة بالصميل، وعادكم تزيدون بخصم راتبه، أين الغيورون على مصالح الشعب؟ فالشعب يدمرونه من كل مكان، فالحرب تطحنه، والغلاء يهده، والتجار يبهذلونه، والقادة يسرقونه، ليس كل القادة بل أن بعض القادة تقف الألسن عاجزة عن شكرهم، فهم يشفقون على جنودهم، ولا يخصمون من معاشاتهم إلا بقدر من يقوم بدورهم في حال عدم حضورهم.
لن ننتظر حتى الراتب القادم، ولكننا ننتظر قرارات الرئيس بتغيير من ثبت خصمه راتب جنوده للشهر الماضي، وساعتها، سيستقيم الجيش، وسترون عدالة قراراتكم ترغم النصر لأن يدنو منكم، وستحسمون معارككم في أيام معدودة، فلا نصر بلا عدل، فانتظر أيها الجندي قرارات فخامة الرئيس القاضية بتغيير من يسرق معاشات جنوده، انتظروا، وإني معكم لمن المنتظرين.