مقال ل انور الصوفي: الميسري الدولة التي غابت

خرجت الحكومة كلها من عدن، وبقي الميسري، وببقائه حضرت الدولة، وبحضوره توافرت الخدمات، وبوجوده كان لعدن طعم، ولون، ورائحة مميزة، كنا نعيش في عدن نلعن الساعتين التي تنطفئ فيها الكهرباء، ونحن لا ندري بأننا قادمون على ليل عدن الدامس بعد غياب الدولة أحمد الميسري، في عهد الميسري كنا نلعن انقطاع الماء إن غاب عنا يوماً واحداً، واليوم نفرح لو أتانا بعد الأسبوع ساعة.

غاب الميسري عن عدن، وغابت الدولة، غاب الميسري عن عدن، وغابت الخدمات، غاب الميسري عن عدن، وغاب الأمن، وضربناها أخماساً في أسداس لغيابه، وحن المواطن لأيام دولة الميسري، فالميسري كان في عدن يمثل هيبة الدولة، فكانت عدن في عهده عاصمة، وكانت تسهر عدن في عهده، ولا تنام، وبعد غيابه نامت من الخوف من غروب الشمس.

الميسري هو الدولة التي غابت، وهو النظام الذي كان في عدن، فالمواطن في عدن يحن لأيام الميسري، وصولات الميسري، وجولاته، يحن له ساحل أبين، وتحن له صيره ويسأل عن جبل شمسان، ويفتقده قصر المعاشق، وكورنيش المحافظ، عدن كلها بناسها، وجبالها، وبحارها، ومنازلها، ومولاتها، كل ذرات رمال عدن تحن للميسري، فهل سيعود إليها المهندس أحمد الميسري؟ لا شك ولا ريب بأنه عائد، فرجال الدولة سيعودون والدخلاء سيغادرون، ولن يطول مكوثهم.

سيعود الميسري، ليس لأنه قوي، ولكنه سيعود، لأنه دولة، والدولة لابد أن تعود، فالمثل يقول: لا تأمن الدولة، وإن كانت رماداً، فالدولة ستعود، والميسري سيعود، والفوضى ستنتهي، وسيغادر ليل عدن الحالك، سيتنفس العدنيون عبير الدولة، ستعود فرحة الأطفال، ستعود ليالي عدن الجميلة، وسيطوف في شوارعها ابن الميسري متفقداً كعادته، ستعود الدولة فانتظروها مع عودة المهندس أحمد بن أحمد الميسري.