ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، غاب الميسري، ولم يأفل من سماء السعيدة، فالبدر ربما يعلو فوق السحاب، وربما تتجدد أيامه، ويظنه الناس قد غاب، ولكنه سرعان ما يعود، وسرعان ما تتلاشى تلك الظلمات التي كانت تكسو الليل البهيم، فيعم نور ذلك البدر، فهذا هو حال المهندس أحمد بن أحمد الميسري البدر الذي لا يغيب، ولكنه ربما يتسامى، ويعلو فوق السحاب.
فلقد تسامى هذا الرجل فوق كل المماحكات السياسية، وعلا فوق خلافاتهم، فالمناصب بالنسبة له تكليف لا تشريف، فأمثاله لا يغيبون ولكنهم ربما يتركون الفرصة لتجريب حماقات الحمقى، أما مكانه كقائد يمني فيبقى كما هو، فليست الوزارة هي التي أبرزت الميسري، ولكنه هو من أكسبها تلك المكانة، فقد سمعنا بوزراء كانوا في تلك الوزارة ولكنها ظلت وزارة لا يتبارى عليها أحد إلا بعد أن جلس المهندس أحمد بن أحمد الميسري على كرسيها، فتمنى الكل أن يفوز بهذا المنصب، فتركه الميسري لهم، وهو مبتسماً غير آبه بما يتصارعون عليه، فلم يتضرر الميسري من ترك ذلك المنصب، ولكننا نحن من افتقد ذلك الرجل اليماني الصلب.
نعم افتقدناك يا مهندس السيادة اليمنية، ولكن حضورك مازال موجوداً، فالبدر قد لا يراه الناس، ولكنه يظل موجوداً، فيظهر شيئاً فشيئاً حتى يراه الناس بدراً مكتملاً قد عم ضوؤه كل الأرجاء.
ما من منصب تولاه المهندس أحمد الميسري إلا وجعل له بريقاً، وهيبة، وما وزارة الداخلية إلا خير شاهد على ما أقول، فليست المناصب هي من تصنع الرجال، بل هم الرجال من يكسبون مناصبهم الأهمية التي تستحق، والميسري ملأ ذكره كل الأسماع، وتحدثت باسمه كل الألسن، وأعجب بكياسته، وشجاعته كل الناس الذين عرفوه، فالميسري ترك منصبه، ووزارته، ولكن الناس مازالت تتذكر تلك الفترة التي تولى فيها الميسري وزارة الداخلية، ومازال ذكره يملأ الآفاق، فالبدر لا يغيب، ولكنه يتجدد أو يعلو فوق السحاب، وهذا هو حال المهندس أحمد بن أحمد الميسري، رجل القرار، ورجل كل المراحل، والغائب الذي لا يغيب، فتحية لمهندس السيادة اليمنية الوزير أحمد بن أحمد الميسري.