مقال ل انيس الشرفي: إرهاب الإخوان
في السطور التالية جزءٌ يسير من الإحصائيات والأحداث التي وثقها التاريخ عن حزب الإصلاح الإخواني منذ تأ...
لقد وعي أبناء الجنوب جيداً ما يمكن أن تخلفه الحروب والصراعات المسلحة من قتلٍ وتدمير وخراب وكوارث إنسانية يخرج فيها المنتصر مثقلٌ بكلفة باهظة يفشل عن إزالة آثارها ومعالجة تبعاتها.
ولهذا السبب اختط شعب الجنوب النضال السلمي كنهج أساسي قامت عليه ثورة الحراك الجنوبي السلمي، وقدمت آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين.
لقد التزم شعبنا طريق النضال السلمي منذ عام 2007م، برغم ما تعرض له من انتهاكات وجرائم ترقى في بعضها إلى مصاف جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية، إلا أن شعبنا التزم مساره السلمي واصطبر على مرارة المعاناة والألم والقهر والاستبداد.
جاءت أحداث 2015م فأراد الاحتلال أن يرسخ استحواذه على الجنوب باجتياح عسكري جديد فخرج شعب الجنوب يقاتل بأسلحة بدائية وإمكانيات هزيلة، حتى سخر الله لهم صقور سلمان وزايد تحلق في السماء وتدمدم أعدائهم، فاجتمعت عزيمة وإصرار رجال المقاومة الجنوبية على الأرض، بدعم وإسناد طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من السماء، وأثمرت نصرٌ مؤزر ضد ميليشا الانقلاب الحوثي.
وما أن حرر أبناء الجنوب أرضهم، حتى أسلموها لشرعية مهترئة ظناً منهم بأنها ستنهج نهجاً آخر غير ما نهجته قبل الحرب، كيف لا وأبناء الجنوب هم من انتصر لها ورفعوا رأسها وأعادوا لها سلطتها بعد أن شُرد في أقاصي الأرض ساستها وأساطينها الحاضرون عند كل فيد، والغائبون عن أداء الواجب.
ولكن يا للأسف، لقد سلم أبناء الجنوب أرضهم وأنفيهم لشرعية ظاهرها جنوبي، ليكتشفوا بأنها مختطفة بيد قوى حزب الاصلاح (الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين) وهي جماعة لا تختلف كثيراً عن جماعة الحوثي، بل تخرج كلاهما من مشكاة واحدة وتنتهجان نهج وسلوك واحد، عنوانه (الغاية تبرر الوسيلة) فاتخذوا الدين وسيلة لبلوغ أهداف سياسية شاذة قائمة على التسلط والقتل والتدمير والتنكيل للشعوب.
فما كان من تلك الفئة إلا أن جرعت الجنوب المحرر مآسي كارثية مؤسفة، إذ وضعته تحت مقصل التنكيل والحرمان، ونهب الموارده وسلب الخيرات ومصادرة الرأي، والإقصاء والتهميش، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وإشغال الشعب بقضايا هامشية لصرفه عن النضال لتقرير مصيره واستعادة وبناء دولته.
ومن أجل ذلك سعت حكومة الفساد لإهدار مقدرات الدولة في البذخ والمحسوبيات والفساد المستفحل بأروقتها، مما أدخل الجنوب في حالة مجاعة وفقر مدقع أودى إلى عجز الغني والفقير عن مجاراة الغلاء الفاحش الناتج عن السياسات الرعناء لتلك الحكومة.
وأمام كل ذلك، لم يكن أمام شعب الجنوب سوى أن يدق ناقوس الخطر، ويطلق صوتاً مدوياً أن كفاكم عبثاً واستخفافاً ونهباً لخيرات بلادنا وقوت أولادنا، فيما نحن نموت ونذل ونقهر دون أن نجد ما نسد به رمقنا، فسمعتهم قيادة الانتقالي (الكيان المفوض من شعب الجنوب) وسارعت لإنقاذ شعبها، من خلال رسم خارطة طريق لانتزاع حقوق ذلك الشعب من أفواه مصاصي الدماء المستذئبون، واضعة في اعتبارها تقليص كلفة تحقيق أهداف شعب الجنوب إلى أدنى حدودها.
ما إن أصدر الانتقالي بيان الانتفاضة، حتى توافدت رسائل الترحيب والتأييد من داخل السلطة وخارجها، فكان للشعب ميادينه وللساسة ساحاتهم، ونأمل أن يسهم الحوار والتفاهمات مع الشخصيات الجنوبية، ومع القوى الدولية الفاعلة في تقليص كلف النصر وتعظيم فوائده.
وهذا الأمر يبشر بأن الجميع سيحرص بأن يعلوا صوت الحوار ومسار التفاهمات على أصوات الرصاص ومسارح الحرب، وكلنا ثقة بأن القيادات الجنوبية في كلا الطرفين يدركون حجم المخاطر التي ستخلفها أي مواجهات عسكرية، ونثق تمام الثقة بحرص الجميع على اجتناب حدوث أي مواجهات عسكرية، ترجمة لبيان الانتقالي الذي شدد على التزام التصعيد السلمي لرفع المعاناة عن كاهل شعبنا المكلوم.
#أنيس_الشرفي
7 اكتوبر 2018م.