واسأل نفسي
#وأسأل_نفسي!فتحي بن لزرق"إن الحياة كلمة وموقف، الجبناء لا يكتبون التاريخ، التاريخ يكتبه من عشق الوطن...
الخميس الماضي كنت في طريقي من عدن (كريتر) إلى المنصورة ، كانت الساعة الـ 12 ظهرا وقررت لحظتها ان انزل لتناول الغذاء في مطعم الشيف ياسر بخور مكسر.
ركنت السيارة ودخلت المطعم واستويت جالسا بأحد الكراسي وطلبت نفر رز ومطفاية وما ان هممت بتناول الغذاء حتى جلست أمامي امرأة في العقد الخامس من عمرها أو السادس ،تبدو عليها أثار الوقار.
استوت المرأة أمامي مباشرة وكأنها تنتظر طلب لها في المطعم .
بعد أكثر من دقيقة قالت بصوت خافت :" ممكن يا ابني تطلب لي غداء سفري ؟
كان المشهد صادما ومحزنا حينما جلست المرأة أمامي كنت أظنها وكيلة مدرسة ،مديرة إدارة حكومية أي شيء أخر ذو قيمة (مادية)عالية في المجتمع اي بما معناه الشخص الذي لاتتوقع ابدا له سوء الحال.
تحدثت إلي بحرقة شديدة وبصوت خافت تخالطه الحشرجات عن وضع أسرتها وكيف أنها لم تخرج قط في حياتها لإستجداء الناس ،عن مرتب زوجها المنقطع منذ أشهر طويلة عن أقاربها الذين حالهم يشبه حالها.
غادرت المطعم يومها وانا غير مصدق لما حدث وبعد ان ناولتها طلبها من الغذاء .
مساء أمس كنت في طريقي للتواهي وقررت برفقة صديقي Wadid Maltoof ان تنتاول العشاء في مخبازة شنب .
دقائق قليلة عقب جلوسنا إلا وشخص مسن يقترب منا ويطلب ذات الطلب ..
اربد عشاء لأولادي..
ذات المشهد يتكرر على ابواب مطاعم وأفران كثيرة ، حكاية الآلاف من الأسر التي لم تعد تجد ما تأكله، الناس التي ليست من التحالف ولا من الشرعية ولا من الإنتقالي.
القطاع الأكبر من هذه الأسر ،ناس عادية لاتملك شيء سوى منزل عتيق وراتب شهري كان ولايزال هو عماد حياتهم وبإنقطاعه بات الموت يهدد أطفالهم ..
اذا اردت ان تعرف هول الكارثة قف لدقائق فقط امام بائع خضار او سمك او مخبز وستعرف ما الذي تعنيه حالة الانهيار الحاصلة في المحافظات المحررة.
استطيع ان أقول ان الناس في عدن والمحافظات الأخرى على شفا كارثة إنسانية مفزعة وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها إذا ما استمرت حالة التردي على ماهي عليه..
الأشهر القادمة ستسمع الناس الكثير من القصص المأسوية ابطالها أب عجز عن توفير وجبة عشاء لاطفاله أو حبة دواء او ام رمت لها الاقدار بمسؤولية رعاية عدد من الابناء
هل يعي العالم إلى اين يتجه الوضع في اليمن ؟؟
اشك في ذلك.
والله المستعان.