عدن…بين جحيم حكومة معين .. وتذاكي المجلس الانتقالي الجنوبي

كمية شكاوي الضعفاء وتضرعات الأذلاء التي أطلقها رئيس الوزراء معين عبدالملك، أمام اجتماع عقده اليوم الأحد مع رؤساء بعثات وسفراء وممثلي الدول المعتمدين لدى اليمن، تؤكد حالة الوضع الاقتصادي والمعيشي المريع الذي وصلت إليه المحافظات التي تديرها هذه الحكومة، فضلاً عن تأكيدها أي التوسلات عن مستوى الفشل الصريح لحكومته ولكل القوى المنضوية فيها. 
وبرغم كل هذا الاستجداء لم يهتز لهؤلاء السفراء شعرة مثلما لم تعر حكوماتهم  بالا لهذا الوضع لمعرفتها أن المشكلة تكمن بوجود غول الفساد وسطوة اللصوص وهيمنة مراكز القوى العميقة العتيقة على مركز القرار أكثر من كونها مشكلة نقص بالموارد.
 وبالتالي لا بُكى سينفع ولا شكوى ستفيد معين، فالعِلة في حكومتها وفي القوى المسيطرة عليها كقلعة وحصنٌ  حصين للفساد والنهب . فلو كانت هذه الأزمة تختزل فقط بمعضلة توقيف الحوثيين لتصدير النفط لهان الأمر وتفهم الناس لما يقوله معين لكن للمأساة صناعها المعروفين أسبابها الاساسية منذ عقود.     
    فلو كان الأمر متعلق بافتقار لعوائد صادرات النفط التي أوقفها الحوثيون فماذا لو كانت هذه الحكومة وأحزابها لا تمتلك النفط والغاز والقروض والمنافذ  وتعيش في عزلة اقليمية ودولية مثلما هو الحال مع الحوثيين كيف كان سيكون الحال وماذا كان سيبقي معين في قواميس المذلة والبكاء دون استخدام؟. 
   معين عبدالملك في لقائه هذا تملص من الإعتراف بالأسباب الحقيقية التي أوصلت الوضع الاقتصادي الى هذا المستوى المتردي، وظل يردد الشكوى من الحوثيين ويستجدي الحضور التدخل لوقف تصرفاتهم والسماح لحكومته باستئناف تصدير النفط، ولم يأت على ذِكر الفساد لا من قريب ولا من بعيد او يذكر ولو تلميحا تلكؤ دول السفراء من الالتزام بما وعدت به. فالرجُل مثله مثل باقي رفقته مسكونٌ بحالة الخوف ويغشاه الشعور بالدونية والنقص كلما وقف أمام رئيس دولة أو سفير او حتى مدير مكتب سفير لأصغر دولة بالعالم ،وهذا الشعور طبيعي أن يصدر مِن كل لصٍ وفاسد عبر التاريخ ،ف-(اللصوص لهم قلوبٌ من الأطفال تنهزمُ) فما بالنا بسفراء دول بوزن أمريكا وبريطانيا والسعودية؟.

        لكن لماذا نلقي اللوم على معين وعلى الأحزاب المؤتلفة بحكومته وحدهم؟. فهؤلاء لا يتمتعون بأدنى درجات الشعور بالمسئولية في الظروف الطبيعية منذ عدة عقود بالسلطة فما ظننا بظروف استثنائية صعبة كهذه التي أمامنا ،بل أن هكذا وضع خدمي متردي وبالذات في عدن وفي باقي مناطق سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي هو عِز الطلب لهذه القوى ومبلغ ما تتمناه لتستخدمه ورقة مساومة سياسية وحالة ابتزاز بوجه القضية الجنوبية. نقول لماذا نلوم هذه الأحزاب قبل أن نلوم المجلس الانتقالي الجنوبي؟ ليس فقط بصفته متصدرا للإنتصار للقضية الجنوبية ولحقوق الناس المنتهكة كما يقول دوما ،بل بصفته شريكا بهذه الحكومة وبهذه المأساة . فالبيانات التي يصدرها  المجلس بين الحين والآخر والتي تندد بتردي الأوضاع وبتحميل الحكومة المسئولية هي بيانات إسقاط واجب وانحناءة اضطرارية  لأصوات الجياع ولأنين ضحايا غياب تدهور وضع الكهرباء في صيف قائظ يشوي الوجوه ويسلخ الجلود، فالمجلس  وإن كان لا يمسك بالموارد الرئيسية ولا يدير وزارات ومؤسسات مالية واقتصادية سمينة دسمة إلّا أنه سيظل غريم وخصم الضحايا في عدن وأخواتها حتى يحدد موقفا واضحا خالٍ من بهارات الفهلوة والتذاكي السمج مما يجري ويقوم بجردة حساب ومراجعة لعلاقته وشراكته مع هذه القوى ومع مَن يسندها بعيدا عن سياسة ( الفشخة ) بين ضفتَيّ: الجاني والضحية أو تقمص دور (العبيط) من داخل غُرف مكيفة وثيرة .فلم يعد في قوس الصبر منزع ،فثورة الجياع  ستطرق أبواب الحرامية والمترفين، والمرءُ حيث يضع نفسه.

مقالات الكاتب

عدن ..مَن أطفأ الشُعلة؟

اليوم مرة أخرى يكرر المجلس الانتقالي الجنوبي مطالبته باعادة تشغيل مصفاة عدن ،ولا جديد في الأمر، حتى...